الأحد، 29 ديسمبر 2013

فاطمة



المرأة الفلسطينية،كلّما سوّلت لي نفسي أن أكتبَ عنها،تراءت لي فاطمة النحيلة بفستانها الفضفاض وحطّة رأسها البيضاء،تذكّرت خطاها الخفيفة الواثقة،ويكأنها ريشة تطيّرها العطور،لا العود ولا الخزامى يشابه رحيق أنفاسها،لا زرقة الياقوت تليق بعينيها ولا خضرة زمرّد برشاقة خواصرها،
تبقي الإجابات المفتوحة على جميع احتمالات الخطأ والصواب،ليست مجرد امرأة عادية،أو شفافة بقدر ما هي غابة أشجار،ومجموعة أصوات تستهلك حواسّنا الخفيّة في اقتفاء أثر الفروسيّة، هي على الأقل لقّنتنا الكبرياء وعزّة النّفس وأرضعت أمي كرامة لا تنضبّ،فهكذا ضمنا على الأقل ازدحام أنفاسنا بالوفاء، تلك هي فاطمة الغواية الّتي لا تنفع معها أصابعنا  الكثيرة للهرب من أقدارنا.




الجمعة، 27 ديسمبر 2013

نشيد وطنيّ للإحساس




نشاز،
كلّ ما تدّعيه فقاعات صابون.
هل أخبرتك.؟
تقلقني  خاصرتي أكثر مما  تقلقي  التّجاعيد
وأنت تركل الوقت بمخالب وجوم
ثمّة أجساد تغفو على سرير واحد ولا تغفر
  نم قليلًا  واحلم أن هذه  القلوب توابيت شاغرة
ثم قل لي وداعًا،وودّع  نصف ما اعطيت وجلّ الذي قلت
واكره عطري،ذاك الذي يطاردكَ كإثم  كأنك عقاب
 سيحدث كل شيء من جديد
فإن شئتَ جئتَ،وإن لم تشأ كالآن بقينا.
أيّها الوقح  كحرف مائل ونقطة فاضحة
كساعة واحدة كضحكة رقيعة
صدّق  فيها "الملقّي "أننا كنا نُلتَهم حبًّا

تعرف،
صرت أخشى أن تجيء متأخرًا فأسيء تقبيلك فوق أرض مفروشة بالدّماء.
الساعة زعل إلا  أوان  نضج،وكأسي الأخيرة سوف تغرقني في اِبتعاد.      
تصبحون الآن







أحبُّ فيكَ



أحبُّ فيكَ حين تبعثرني كالقطن المنفوش
فوضى إلى ما فوق رأسي
أصير أبحث عن ولاّعتي بعد أن عجزت أجفف الرّطب من أعواد الثقاب
اِرتباك حماقاتي
كسرب دبابير تزنّ حول رأسي
ثمّ يرفعني كلّ دبور بخصلة من شعري
أطير وشالي الصوفيّ وما تحته
وسفالة التّنورة ووقاحتها
كلّما هبّت الريح ردَّت عليها تعرّيني دون خجل
في اِلتباس كاحلي بحذائي،
أهذا عالٍ زيادة،وهذا قصير أناقة.؟
أعطري الدائم أفضل؟
أم هذا الباهض أشرس إبقاء؟
أما شعري فهو الوحيد الذي يملي عليّ ألا أمشطه ،
طمع اللّئام في شنقي
يدوّخ الشوق الضارب في عروقي

يترنّح فيّ كالسّم يُبطل كل دفاعي

الخميس، 26 ديسمبر 2013

الشوق فخّ من فخاخ الحب،لا تطعه
كالنّبيذ فخ القبل الأشهى ونهم السجائر وما تبقّى من توقّد،لا تنفقه،

أرأيت،
الشوق النّباح بين جدارين،ولسان الحنين المعلّق في عنق المساء،؟
أرأيت،
الحطب مبتلًّا بوجه امرأة فضّه المطر،برنّة خلخال وإزميل في كاحل الوقت .!
أرأيت،
وأنا أخبِّئ قراصنة الحنين وقشّ الوجد تحت جلدي.!

رمّم إن استطعت هذا المساء وكفى

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

ما الذي يريده الفلسطينيون.؟

ما الذي يريده الفلسطينيون.؟

سؤال أكبر من أن يختصر الرد عليه في مقالة ،ربما لو طرح في التسعينيات من القرن الماضي لكانت الإجابة حاضرة وكان بالامكان اختصارها في"وطن"،أما اليوم فقادة الفصائل ذوات أنفسهم لا يعرفون ما يرغبون به وبالتالي لن يعلموا برغبة الشعب الفلسطيني العظيم.
كانت الشخصية الفلسطينية في الرّواية تنبري قائلة"عائد" فإلى أين أيّها الفلسطيني تعود.؟
إن من الأمور المروعة أن نرى إنسانًا مقتنعًا في قرارة نفسه بأنه كيفية كليّة ونهائية وحيدٌ ،لأن في ذلك الإنسان بعدًا جغرافيًا تراجيديًا يصل حد القدسيّة في بعض الأحايين ،كما فيه وفي ذات الآن بعدًا فظيعًا من التّناقض ما بين رغبة في التّغيير والتّعبير، 
تارة ننبري قائلين:نريد العودة إلى ديارنا،وتارة أخرى نخرج لنعتصم ضد سياسة حكومات مضيفة،حتّى الدين نمارس فيه سياسة التّرغيب والتّرهيب،فإن كنت راغبًا بوطن عليك أن تقاوم،ماذا تقاوم تلك هي معضلة الشعب الفلسطيني،أنقاوم الاحتلال أم نقاوم من يمنع عنك  مقاومته.؟!
هنا سقط الفلسطيني في فخ التّيه المرسوم له بتواطؤٍ مع كافة الأجهزة المسؤولة عن توهانه دون أيّ استثناء،وغير خافٍ أن الفرد  يحاول أن يلبّي من خلال نضاله اليومي بعدَين مهمّين،يتعلّق الأول برغبته في حياة كريمة ،والآخر في صياغة معنى لوجوده بحرصه على أن يجسد وطنه في كافة سبل عيشه وعذاباته وفي ملامحه الحياتيّة،سواء في الداخل الفلسطيني أو في الخارج،وقد بدا هذا من خلال المعارض الفنّية للفن التّشكيلي والتّطريز ومن خلال النّحت في صور القصيدة،واحتفائه باللّباس المظهريّ قد تعاظم لدى البعض بحيث رفضوا الشخصية الفلسطينية الحقيقيّة المحتلّة والمختلفة عما صوّرته الذواكر،مستعرضًا بذلك ذاكرته الموروثة عن الجدّات،رافضًا تصديق كل ما طرأ عليه من تغيير،وكي نكون أكثر موضوعية وإنصافًا،فإن هذا من أخطاء الشعب الفلسطيني إزاء أهمية التّواصل الإجتماعي بين أبناء الشعب الواحد سواء في الداخل أو في المنفى.وحيث اختصر هذا التّواصل على الفصائل المتناحرة ولن أدعي وجود تواصل بنّاء بين الفصائل والأحزاب الفلسطينية.

ليس من قبيل المصادفة أن تتطوّر المسافة ويساء استخدام المفاهيم وتغيير أسماء المدن والقرى الفلسطينية ونسبة أهلها إلى "عرب إسرائيل وعرب الداخل وعرب 48"بين تقاطع فترتيين زمنيتين وتطوّر القطيعة الحاصل بين أبناء فلسطين،إذ كيف سيتسنى لقذارة الفكر الصهيونيّ أن يجد ملاذً لولا وقوع تلك القطيعة.؟





الأحد، 22 ديسمبر 2013

للحب في هذه الرّواية نكهة خاصة




للحب في هذه الرّواية نكهة خاصة،حيث لا تتشابه مع قصص رأيتموها أو خبرتموها،تتغير في المسافات أمزجة الناظرين،أتساءل،ما الذي سترونه لو تغيّرت الظروف وبعدت أو قصرت المسافة.؟!

ليست هذه مدينة الملائكة والمستريح بدور الدفء فيها هنا لا أحد،
نسج الرّيْب فوق أكتاف الليل أحلامهم الآيلة للسقوط،واستعان بمظلّة تقيها زخات المطر،
هل أبصرتَ سوأتهم في مضيق الطريق؟
أيُّها المستاء من كلّي عداك فيّ ،حدّق مطولًا ولا تطل البكاء أخشى أن تفوتك مواقيت الوضوء والصلاة على القلوب ليست تقام في أول الأيام.

السبت، 21 ديسمبر 2013

حاجز وورد






حاجز وورد

هل جربت أن تنحني أمام المارة وتنظّف أثر خطاهم الهاتكة لتعبك.؟!

أعلم تمامًا أن الحياة مليئة بالمآسي والشرور، وأدرك صعوبة الحصول على حياة كريمة في عالم تأسس على قاعدة "البقاء للأقوى" ولكنني موقنة تمامًا أيضا أن في الإنسان شيئ غامض في أعماقه،لا أعرف كنهه، يساعده على تجنب الطرق المسدودة مبكرًا إن أحسن استغلاله، فالأمل القائم على العمل والاجتهاد لم يخذل من قبل شخصًا امتلأ قلبه بحب الحياة والناس،الحياة لا تبخل بالفرح على الصادقين، الذين لا يحملون في صدورهم غلّاً، ولا يضمرون للعالمين شرًا، العمل الصادق يصنع سيمفونيّة عذبة تتعالى كأنغام جميلة في الأنفس وفي مسيرة صراعنا مع هذا الإحتلال.

هل رأيتَ امرأة تشدّ عليها عباءتها بعد التشليح.؟جرّب إذًا أن ترسل أمّك إلى حاجز تفتيش صهيونيّ،جرّب ولو مرة أن تكون فلسطينيًا،لسوف يطاردك وجع المترفين بؤسًا والمطاردين جوعًا ورعبًا،وقتئذ لن تعلم أيّ العورات كبرى وأيّها صغرى،فحين تفقد حقك بإتخاذ القرار والبقاء مستورًا تتساوى كلّ الأشياء الأكثر قذارة مع بقية الطّهر.

تخيّل أنك مصاب بانهيار معنويّ عميق، ويسدّ الضيق حنجرتك،ثمّ تصوّر أن يمارس معك الجنديّ على الحاجز كلّ الممارسات الشنعاء،وافترض هذه الدنيا العارية الخبيثة أعضاء حديديّة تمارس معك الّلواط من كافة الإتجاهات،ووجهك غير الغريب يهيّج الوغد الإسرائيلي ليخضعك لكلّ أنواع التّنكيل من أجل ملذّاته وأنه لسوف يطلق سراحك خوفًا من الإيدز مع أن كلّ ما فعله في الغالب لا يترك آثارًا على الجلد.

هل جفّ حلقك.؟
لا بئس في فلسطين ولا يجوز ربط تصرفات الناس وطباعهم الّتي جبلوا عليها بجيناتهم البيولوجية،فمن غير المعقول أن تجد فلسطينيًا ترتبط طباعه وصفاته المحتلّة وليست الأخلاقية بجيناته وأصله الذي ينحدر منه، أنا لا أستطيع أن أستسيغ  ومن عجائب هذه الحياة أن السّطحيّين والتقليدييّن يتحدثون بغرور ويقين يحسدون عليه ببعض الكلام  وسؤالهم "ماذا يفعل أهلنا في فلسطين والدّاخل.؟" لن أعذرهم رغم وجود الأعذار وهي كثر،فهم لم يجربوا إرسال بناتهم وأزواجهم لعبور الحاجز،هم لا يعلمون كيف نقف برغم كلّ ما نرتديه عراة على مرمى جلّاد لا يرحم حياء الأموات فلم يرحم.

إذا فعلتم جرّبوا حينئذ أن تكتبوا نصًّا أدبيًّا أو قصيدة مدح برموز"النّضال"أو قصيدة غزل بأنثى أسميتموها جورًا سيدة النساء،وأنشدوا لنا حكاية عن الفرح وعن نقاء  الثّلج ولا ضرّ لو رتّلتم لنا حبًا،وقتئذ سأركل مؤخراتكم الهزيلة.


أنت وجميع من يعيشون منغلقين في تخيّلات تبنّوها لإلغاء النّضال الحقيقي جرّب أن تقف على الحاجز وتوزّع الورد لمن شدّوا الحبلَ لتُرفعَ علمًا فوق رؤوسهم.


الجمعة، 20 ديسمبر 2013

احفر عينيك بإزميل المشاهد،فالدّمع لا ينطق،والصّمت الفاجر يحدث ضجيجًا في رأسي،

سأكذب قليلًا،وأدّعي أنني لم أعرفك،ولعلي أتمادى قليلًا،وأسهب في كذب كثير يبدّد وحشة التّيه، 
سأدّعي أني لا أعرف أصولي ولم أخلق في هذا الوطن ونسيت تاريخ ومكان ميلادي،
وبعد كلّ كذبة سوف أركل برأس إصبعي المكسورة حصاء الصّدق،وأرشق وجه الصّباح والمساء بالأمنيات المعطّلة،

لسوف أستمتع بأغنية خليعة وأدعو كافرًا ليراقصني،الكفرة أكثر رقيًّا من الوقحين أدبًا.
سوف أزعم أني أحبك،تخيّل، أرأيتَ أعظم من هذه كذبة.!
صحيح نسيت أن أسألك،هل تعرف أمي،أو تعرفني؟كأني رأيت امرأة تحدّق بي،ظننتها أمي،تشبهني!

الخميس، 19 ديسمبر 2013




أخبرني جدّي بعدد القبلات الّتي تركها على جبين جدّتي ليلة توقع موته،
كنتُ سأضحك،لكن ملامحي تصلّبت بدلًا من ذلك،كنتُ أريد منكَ أن أكون مرة على الأقل أنا،كنتُ أريد أن أخبرك،عن فكرة أن تأكل الديدان جثتي تلك فكرة لا ترعبني بقدر خوفي من أن لا أكون مرة واحدة معك.
حاول أن تبتسم الآن بشدّة،وحاول أن تروي لي حكاية أسطوريّة للأطفال بلغة فذّة

الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

إلى باسم

سأخونك،سأخونني،سأخون رفيقنا وستكون لنا طاولة في الجنّة ونبيذ وسجائر ومغنون قدماء،وسيكون لنا كلّ ما ترفّع عنه كلّ أهل الأرض.

الخميس، 12 ديسمبر 2013

لوحة للفنان العربي العراقي عبد الأمير علوان أسميتها "مواعيد الأمس البعيدة"




اللّوحة المرفقة للفنان عبد الأمير علوان

لوحة للفنان العربي العراقي عبد الأمير علوان
أسميتها "مواعيد الأمس البعيدة"

يبدو النّظر مرهقًا كهذه المرآة المنطفئة بمقلتيها على وجهي،تعبة من طول التّحديق في شوارعنا الباردة.

يالحظي العاثر،ضلّت السحب طريقها وسلكت طرق الراحلين دون زاد،تلفظ أنفاسنا تارة،وأخرى تجترح خبيء النّفس تمجّه بشغف عاهرة ظامئة الجسد،تحوك من خطانا التائهة موآمرة تتسلّق بها على عثراتنا،وبتأن شديد تربّتُ على رعشة خفقاتنا وتكسرنا سهوًا،لتذكّرنا كم نحن متخمون بالصّقيع حدّ الشبع.

مشطي الذي كسّرَت حصباء الوقت أسنانه  تهاوى كأطلال الخراب،وعلب الحلوى الّتي تحوّلت إلى صناديق أحفظ فيها شعري المتساقط سرقته الجنّية وصنعت منه حبالًا  تربط بها العاشقين إلى المدى.

جدّتي الّتي ماتت قبل ألف عام همست في أذني وصيّتها الأخيرة"بنات التّعب لا ينبغي أن يعشقن رجال الحرس،والحكل الشّقيّ وشعرهن الطويل لا يجب أن يجدّل لحنًا خالدًا في جرم الهوى."

مواعيد الأمس البعيدة أغمضت أجفانها على جنائز العمر،ومن جوفها الفارغ وشغفنا بالأشياء الصغيرات أنجبت وليدنا المشوّه،خلسةً من الكون تحت رعشة السّماء،فراح يمتصّ ذواكرنا  كقلب عطش لا ينتظر فجرًا.


الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

قراءة في شعر كوثر الزعبي/مرمر الأنصاري




كوثر الزعبي قلم متوتر يتحسس طريقه بحذر شديد،ومن جهة نوعيّة الفكر تتميَّز الكتابة بالثّقافة والبساطة، كاتبة متموجسة بانطلاقات  متحَفِظة وشيء من الأناقة،لوحات  يصعب تحديد ابعادها  تحديدًا أسلوبيًا،وعلى الرّغم من كون الكاتبة محاصرة بالزمان والمكان،فهي تظهر وهي تحاول الفعل حتى لو كان الفعل محض كلمات بخطى محاذرة، وهذا لا يستمر طويلًا، فسرعان ما تدركها سلطة الطبيعة وتبتلعها أو تحيط بها من كل صوب.

في نص "قميرة" صفحة 47 تبدي الشاعرة كوثر الزعبي ما اجتهدت اخفاءه في نصوصها السابقة،ولعلّها أخفته دون قصد،حيث قالت"هلي يا بشاشة الحقل الفريد"وهنا  نلاحظ خجل المفردة في تثوير الفعل حيث حاولت الكاتبة خلق توازن ما بين الأنا والمجتمع بالرغم من أن تفاصيل النّص كانت تحتمل قدرًا أكبر من التثوير،كاتبة يصعب  تحديد طبيعة نصوصها، اذ تراوح  بين الشعر والقصّة،والقصّة الشعريّة"،

تقول الزعبي في قصيدتها "قميرة"
"لا تستحي من أغلالك" نحن نُرغم على الاستحياء مما خلقنا عليه من أنوثة،صوتًا وحسًّا مرهفًا،ومن هيئتنا الّتي خلقنا عليها كنساء،الخ،لذا فإن محاولة الكاتبة هنا كانت تفترض مستوى أعلى من النهوض إلى الفعل.

 "كلمة حالمة" عنوان لأحد نصوص الزعبي،قراءتي لهذا النّص جعلتني أتصوّره في شكلٍ آخر  غير القصيدة،فلو رصفت أشطره الواحد تلو الآخر لخرج منه نصّ خاطرة نثريّة لتمنحه جمالًا وشكلًا جنسيًا أكثر جمالًا منه حين أرغم على التمدد بكلف في برواز"قصيدة".

العلاقة بين التّجربة والحدس هي علاقة جوهريّة،مشبّعة بالحالة السيكولوجية للكاتب،وذلك يرجع إلى تجاذب خاص بين لوحاته من ناحية،ومن ناحية أخرى بين معرفته الحسّية،ولعلّ أهمّ مفاتيح هذه الّلوحات هي طبيعة المرأة فيها وهي الأقرب إلى الصفاء،والإنكفاء على الصّبر والأحلام مبتعدة بذلك عن الواقع الحياتيّ المرير في مجتمعاتنا العربية الشرقيّة أو هاربة منه، وقديمًا أشار العديد من الفلاسفة، وليس الروحانيون منهم وحدهم ، إلى عدم كفاية المعرفة المتأتية عن الحواس وقال ديكارت  : لا تقدم لنا الحواس أية فكرة عن الأشياء كما نصوغها نحن بواسطة العقل"إلا أن الواقعة الحقيقة تقول بعكس ذلك تمامًا،إذ أن حواسها هي الّتي تمنحنا فكرة عن الأشياء وبالتالي نصوغ عنها فكرة،ثم فعلًا،والزعبي في جميع لوحاتها كانت حواسها هي الحاضرة وليس بالنّيابة عن العقل إنما جنبًا إلى جنب.

لم تحرص الزعبي على تقاليد القصيدة ،فضلا عن انتهاجها نهج الوجدانيين في محاولة غزل خيوط الواقع ونسجها في نسيج وجداني يتخذ من عناصر الطبيعة وعاءً لقضايا إنسانيّة وفكرية.
للوهلة الأولى تبدو قصائد كوثر كأنها تقدم استعراضًا للطبيعة، تتخذ فيه عناصرها سلطة مطلقة للفعل، كما نلمح في العناويين عنصرين تقليدين من معجم الوجدانيين،وفي القصائد نقرأ" أغنية  أمطار،بحر،بستان،زهور،نهر،أمواج ،غيمة،سماء ،حلم،النورس،" الطبيعة هنا  هي الحاكمة بسلطتها القسريّة الّتي تجعلها وحدها القادرة على التحكم بالزمن.

ثم تأخذنا الزعبي إلى عالم آخر إذ تنهض بنص "فلة النار"  مختلفة عن جميع لوحاتها السابقة،مفردة،لحنًا،وصورة، ورشاقة،كأن الشاعرة سكبت كلّ أرواحها في هذا اللّوحة،

زهرة
تفجرت
بتنهيدة فجرٍ
صهيلًا..تمرد على مربطه
إلى أينَ تمضين يا غريبة الرُؤى.؟



قراءة مرمر القاسم لبديوان هيروغليفيا للشاعر نوح العياصرة




الأدب الجميل ،ما يضيف لنا ونستفيد منه،ما ينمي ذوائقنا ويدغدغ شغاف عقولنا قبل قلوبنا،يستحق التّقدير،كان  بالإمكان قراءة ديوان الشاعر نوح العياصرة دفعة واحدة،إﻻ أنه لذيذ إلى الحد الذي جعلني أتوقف بعد كل نص إن لم أتوقف بعد كل شطر لإبقاء مذاق الحروف في فمي.

بعض نصوص الكاتب نشوة فزعة تنقلنا من طورِ الحيوانيّةِ الغريزيّةِ أللاإنسانية ، إلى طورِ الافتتانِ بالإنسانية،وإلى لوحات تصويريّة، فعجّت جدرانُ الديوان ،بالإثمِ والفزع وجمال التميّيز والإداراك والتقيّيم والنّقد للحالة الإجتماعية بسخرية عالية الّلذة،بلغةٍ بليغة راقيةٍ، متواريةٍ وبإشاراتٍ عابراتٍ لا تخدِشُ الحياءَ ولم يمارس دورَ القديس والخسيس الغليظ.

تناول الشاعر الأديب تفاصيل الحياة بحريّةٍ واستفاضةٍ أكبر ودونَ تورّعٍ أو تهيّبٍ، والحب دونَ أن يخوضَ في تفاصيل وصف العلاقة إلا بأسلوبٍ مرهفٍ دونما إسفافٍ، ودونما استعمالٍ لكلامٍ مؤذٍ للبصرِ والحواس.
اقتباس – منذ أول "كوغيه" امرأة
تمنحني الحُبَّ
بلا ثمن
وتلاقيني في الحلُم
تُقبّلني
وتمسّدُ بحرير يديها وجعًا
يتكدّسُ فوقَ خدودي
منذ ملايين الصفعات

نصوص كراقصين يرقصون متشابكي الأيدى ليشكلوا دائرة متراخيّة  ذات خطوط إيقاعيّة مستمرّة دون انكسار،تتمثل أقصى درجة من التأثير  بالحركة والصفاء، بل إنها تمثل معادلاً بصريًا مدهشًا لمعنى حب الحياة المفعمة  بالتناغم وبالأحاسيس الخالية من التوتّر مع اضافة مفردات عامية "محببة" أعطت للنص نكهة حنين قريبة من القلب..


من أول "كوغيه"مستعرضًا برشاقة العوامل الرئيسة الّتي أثرت في نشأته،طفولته،وصباه وشبابه،لإنتزاع الكلايشهات الإجتماعية ،وأهمها الخطوط  طولًا وعرضًا فوق جسده "للتأديب والتّهذيب"من حزام الوالد إلى عصا الأستاذ،والذين لم يراودهم أي إحساس بالذّنب.

اقتباس – منذ أول "كوغيه" صلعان
هل جرَّبتُم
حين يكون الفقرُ رصاصاً
والحاجةُ أمَّ الموتِ
وأخت الحزن
وصاحبةَ الناي
هل جرَّبتُم طعمَ "الزفتِ"
وطعم "البويا"
وتبوّأتُم مقعدكم من نار الدنيا
وطعامكمو فيها خبزٌ بالشاي


تكشف تجربة الشاعر أحيانًا عن جوانب من حياته كشظف العيش وجوع العربيّ إلى الحنين،إلى امرأة تنسيه بملاطفة عيصرة وجبل العتمات بأناقة أنثى،وتكشف أحياناً عن جوانب أخرى بما لم يقله ، وكثيرًا ما يكون الذي صمت عنه الشاعر أعمق مما قاله . لذا ربما اِعترى الديوان بعضُ الغموض،وهذا يعني أن لا تفسير واحدًا ونهائيًا للنّص، فالحداثة ضدّ الوضوح الذي لا يكشف عن جديد، لذا  يصعب علينا أحيانًا فهم الشعر الحديث أو الشاعر.

اقتباس – منذ أول "كوغيه" صلعان
هل غادرتم عبدونَ
إلى سقف السيل
ورأيتم إن كان الناسُ هناكَ
أناساً
أم جنَّاً يلتحفون الليل
ورفضتم طلبات النسوةِ
من "فيزونات"
وأعدتم أموال الوطن
إلى الأحياء الأموات
وتوقفتم عن خذلان بلاد الشمس
ينكأ الشاعر ،برأس قلمه وبقليل من العنف، كل الجروح: جرح فظاعات اليمين المتطرّف، جرح تدهور القيم الأخلاقية، جرح جبن الرجال، جرح صمت النساء ، جرح الزواج حين يكون بديلًا عن الحب في مجتمعاتنا، جرح الحب المزيف حين لا يكفي أن يكون مستحيلًا، جرح الفحش الماثل في آفات المجتمعات الحديثة، جرح المراهقين الباحثين عن لا شيء، جرح عبثية الحروب، جرح المحسوبية والتحيّز والتميّيز العرقيّ والطبقيّ، واللائحة أطول من أن تستوعبها هذه المقالة.

اقتباس – منذ أول "كوغيه"السور
سور الجيران كبيرٌ
أكبر من سور الصين
سور الجيران طويلٌ
أطول من حزن فلسطين

وجع فلسطين الممتدّ بين السطور،يدور في فلك الرّغبة العارمةِ راصدًا تجلّيات الوجع،رغبة ظامئة،لذّة  تتلوّى على وترِ الشّرهِ والافتتان بالوطن المسوّر مثل نعش ينتظر الرّدم في هبوط من علياء الحنين بالّلغة إلى أعلى درجات الألم.
يتجلّى في الديوان وزنُ الإبداع بتشكيلاتهِ كلمةً،ورسمًا،وصورةً، كلّ من تلك العناصر يقترض من الآخر ليهبنا شكلًا إبداعيًا موازيًا.

انتقد العياصرة ترسيخ المعتقدات الممتدة عبر أجيال وممارسات إجتماعيّة وأخلاقيّة ودومًا ،وكما نلحظ ،فإن حطاب تلك المعتقدات الإجتماعية هم الشباب المعبَأ فكريًّا وعقائديًّا لهذا النوع من الحروب الّتي يكون فيها الانتقام والتّبعيّة بحدود لا توصف من ممارسات شنعاء وهدّامة للشخصيّة العربية ،ويكون الهدف المنشود هو الوطنيّة والجنة حسب المعتقد الديني الإجتماعيّ ،لذا نرى الشخصيّة العربيّة تقوم على التّبعيّة ،من أجل الطاعة "العائليّة والعشائريّة"ومن أجل المقدس.


اتمنى ألا تطمر هذه الّلوحات الفنيّة بين الرّكام فهذا المؤلف ينبِئنا بشاعر،تنقصه الجرأة وتحرير قصيدته من الرّقابة الذّاتية ليكون مبدعًا حقيقيًّا مستقبلًا.

السبت، 7 ديسمبر 2013

مرمر عمر القاسم

مطر


لكل شيخ سند طريق يخرج بها الحجب المخبأة،من يدلني على شيخ طريقة يقيم صﻻة الموتى على المطمور من الأسرار ويجعل بيني وبينه سدا ﻻ تقدر عليه جنيات سومر والأمويين وﻻ حتى الأعور الدجال.
علّمني جدّي،في الصباحات الّتي مطِّرت مطر الحنين وفي مقصلة البرد،أن أرتّل الأمنيات الّتي لم تبحر بعد في زبد عينيك.



من يهذّبُ هذا المطر المستفزّ،كلّما اِنهمر درَّ شوقًا ونصلًا صاغرًا فيَّ،من يبعد عني شياطين الّلهفة برعودها ورعشة الأرض كلّما فزّت خطاك منها.!
أريد خطيئة عاشرة دامية كحبات الكرز الآثمة،تضعُ حدًّا لشقائي وتجره إلى التيه الأبدي،
إذا ما كذبتِ القرينة فأختُ الحب لا تكذبُ،فمن ذا يلقّن قلبي آيةً تقيني عذابات بعدك،ويورثني إسمًا وقبيلة،؟!


الخميس، 5 ديسمبر 2013

تخيّل،


تخيّل،كلّ حبّة كستناء فارّة من التّنور قبلة تكويك بين ثغرة النّحر وأقصى العاتق المحمّى،
أشفق،
مطر،مطر،يا ربّ الشفاه وتسكّع الحنين نهش قشعريرة عرّت الوريد،
سأعلّق عليه نفرة من عيني وأحشو عين الجنّية الزاحفة إليه بالحصى


مشّط هذا المطر،
قبل أن ننتهي ثلاثتنا إلى بقعة وحل يغرق فيها الياسمين البغداديّ،
مشّط،أشواقنا قبل أن تُجدّله المسافة أحبال جفاء لشنقنا،


حين تداعبُ يقظتي،تخيّل،

كلّ ما أدخرته من فرح ،وكلّ الأطفال الماكثين في حلمي قديمًا ،أنت،
كلّ ما أرغب به،وأريده طهرًا،حرامًا،أنت،

حكاية الألف خيبة،براءة الأمنيات،هزيع العمر الأحمق،شيطناتي الخبيثات،كيدي الّلئيم،أوبئة الإنتظار، الدقيقة ما قبل الأخيرة على شفا الّلم،إغماءة غواية،عصيان كلّ أشيائي عليّ ،تحريض العطر على التّقبيل بنهم،بشراسة الجيّع،
رويدًا،رويدًا،إنها تمطر،وأنا ماعدتُ إلا لك





الزّمان،
الواحدة بعد انتصاف الهول،
وبضع شهقات أمل،
يحدثُ في الّليل
أن يأتي من حيث أخبره الحنين
على أي الوسائد أستريح
أغلّقُ تابوت الأحلام بعد أن تمّمَ الخذلان مراسم العزاء،
وفي هدأةٍ من لهفتي
يجيء

وعلى أهبّة التّقبيل
لا يذوّبني
كالسّكر،
ولا ينهمر فيّ
كالمطر

يحدُثُ
في لحظة حماسٍ
أن تتقلّصَ جميع أوردتي،
وفي غفلة
 يداهمني ككاسر همّ بفريسة
ثم
حلّق

ترفّق بحماقاتي الطفوليّة
وأنا الميتة على أيّةِ حال
سوف آتيك كلّ ليلة
وأترك
عطري المرشوش على فروتك السوداء
لأظلّ منحورة
 في حب الأبد.


الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

لا أحد هنا



لا أحد هنا،
لذا سأقول ما لم أقله من قبل،سوف أدعي أني قادمة من زمن الوباء بالحنّاء وبالكحل،وأن لي حبيبًا لا يفقه للموسيقى سرّا،ولا أهميّة حفظ اسم العطر المفضّل لدي،ولم يراقص امرأة ما،كل ما فعله حتّى الآن القتل،فرائحة البارود تَمْلُؤُ أنفي كلّما بعثر شعري بأطراف أصابعه الخشنة،ووخز نظري منظر جسده الموشوم بآثار الأعيرة النارية المخطئة.
أحلامه مكسورة الأجنحة،شراشفه منسيّة على شرفة الوطن،لكنّه دافئ كالجنة،وبريء كالطّفل الملقى على رصيف بارد دون أب.
أن تحارب رأس الشّر، كما تحارب المضادات الحيوية فيروسًا تسلل سرًا إلى خلايا الدّم،كذلك الحب حالة شيطانيّة بامتياز،ولم يكن يومًا حالة إنسانيّة.

لا أحد هنا،ليس بالضّرورة.


أخبرتك سابقًا كم "تضحكني فكرة الوسواس الخنّاس وأنا قادمة إليك وبحوزتي سلّة قشّ،فيها مائتين وخمسين مليونَ قُبلة لشفاهك المأساوية التّقبيل،"
وأنا لستُ جسدًا مشتهىً في مخيّلة أحدهم، أنا أرواح تمطّى على صدرك كقطّة لاذت بفرو،
أتدلّى كسعف النخيل وأنت تنقر الجذع كهفًا جديدًا لا ينخره سوس الإحتمال،
ومع ذلك شعرتني شهيّة جدًا حين أخبرتني العرّافة أني سوف ألد لك طائرًا أسودا.

رشفة قهوة صباحية،مسائية،قد لا تعني لك شيئًا،قد تبدو لك اسئلتي سخيفة عابثة،لكنّها تعني لي بجرأة نكهتها الثّابتة الّتي تتجلّى في استقامة عصا الألف واللام والكاف وطول الحلم، بِجَرَّاته الضّعيفة كالنهايات المدبّبة،تعني لي أن أنام وأن أصحو مرة واحدة في العمر مطمئنّة إليك غير مرعوبة ولا هاربة من قدر.

لا أحد يشبهك،أنت والرهب والموت المعلّق بيننا،
لكنّه جدّي أورثني الأسى،ونكهة القهر هبة الجدّة لحفيداتها الحزينات.

و،أتساءل بيني وبين شياطيني،كم علبة موروفين أحتاجها كي يهدأ الرّهاب الراكض في دمي،وكم سدّادة أحتاج لأخرس صوتك الساقط في أذني حينما كنتَ تردّدها دون ملَل"بحبك" يختفي الخوف،كم زجاجة نبيذ ستفي بنسيانك.!!!

لا أحد يكترث لوجودنا،وحين نموت ولم نحظ بحب لن يكترث أحد لغيابنا. فسيّان عندي إن عشتُ معك أو عشت بُعدك