الجمعة، 30 أغسطس 2013
يجلدني الضّوء.!
الّلوحة المرفقة للفنان العربي
العراقي محمد سعد.
ككلّ مرة أحاول تعرية شبابيك
الشّقاء من شقوة انتظار،تعيدني الأمنيات الملبّدة بالعراك إلى الوراء مرتمية بأحضان المسافات
والضّوء يجلدني،
نفل ثرثرة الجنيّات،صمَّتَ
الكونَ،ثمّ راح يرتّل على مسمعي أغنية العصور الذّهبية,والقانون يمزّق أوصال
الليل.
أخبرنا جدّ الحمق وهو ينظر إلى
الأفق، إلى السّماء حيث استقرّ الغيم المثقل بالقتامة كمعونةٍ دوليّة رخيصة،تضحك
ليلى فيضحك.
أخبرني،كيف عانق الطّين لهفتنا على
أرصفة التّعب،كيف أعادنا مرة أخرى سيرة أولياء الصحارى حين صلّى رصاص البنادق الثّملة،الحب
يوجد لو لم نشعر به. مرر أطراف أصابعك بين عشب صدرك،ثم تذوّقه بشراهة،وأخبرني
عن المذاق،شكله ،لونه، طعمه ورائحته،أخبرني
عن شوارع التّيه،وأوقد من قلقي قبسًا،فمن لم يقضم التّفاحة ويدشّن بالعشب أنثاه،لن
يعرف قيمة السّعف الأخضر.
دلّني إلى أطراف الغابة،هب لجنّة
السّنابل عناق الأمكنة الأكثر ضيقًا بالرّطوبة كي يضيق بك جسدي،فلا ترى نتوء وسيلتي
وعاداتي السيّئة،فتتسع ،تتسع،ككلّ الأكوان،فمذ عرفتك خمد الخمر في أنفاسك وكلّما
أزلفتَ أغمي على أنفاسي،خذني إلى أكثر الزوايا ضيقًا لتقع القُبلة الأولى قبل شهوة
الغرق فيك.
من قال إني أحبك.؟!!!
أنا كلّ كلي دونك يكرهني،أعترف
أنا المفتونة،أخشى ألا أقيم بيني وبينك حدودًا
للحمق .
الأربعاء، 28 أغسطس 2013
الثلاثاء، 20 أغسطس 2013
عالم بينوكيو
اللوحة للفنان العربي العراقي عبدالرسول
امتطى بينوكيو حمار سانشو لينقل منظومة
حافلة بالمعاني إلى عالم الأحلام الخاصة
بالمحبة،منظومة عظيمة الفوائد جمَّة الشّغف،مرتديًا درع الدون كيشوت الحديديّ ،سيدلّلُ
فيها على صحّة ما قال جدّي في الحمق ببراهين وأدلّة صائبة،تنسف الأفعال الثلاثية
المُضعفة.
سوف يتنقّل بنا في جنح ليل يُخاتل الأيدي
الآثمة، يهرّبنا من سرداب الجنائز الكئيبة ،على ظهر فراشة زرقاء تحت ضوء القمر
،سنمرّ كريح نقبّلُ السّحب المرمّدة رماد الموتى،حينها سيبدو هذا الكون مترنّحًا
يلفظ أنفاسه الأخيرة.
من يعلم إذا لم يصبح حبنا في يوم ما أجنحة من ضوء،تحملنا إلى وطن
سماويّ قبل أن يداهمنا صقيع الموت،فإن عالم بينوكيو أجمل العوالم على الإطلاق. حريٌّ
بكلّ طالب محبة أن يُعنى بمنظومة بينوكيو والدون كيشوت وحمار سانشو العظيم.
الاثنين، 19 أغسطس 2013
روته كافرة.
قالت بنتُ أَبِي في سنن الحمق 2013-
حدَّثَنا جدّي إِبرَاهِيم بن عُمَر القَاسِميّ ، حَدَّثَنا أّحمَد سَليم القاسِميّ
بن فَاطِمة اليَتِيمَة , حَدَّثَنا عَبدُ الرَّحمَنِ بن سَالِمِ بن جَارِي بن عوِيصَة
، عَنْ أَبيهِ ، عَنْ جدِّهِ ، قالَ : عَلَيْكُمْ بَعْضِكُم بَعْضًا، فَإِنَّ
دَمَكُم أّحْلَى وأَعْذَبُ، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا أَعجَمِيَّة، تَرْضَى بِالْيَسِيرِ وَهِيَ
غَارِقَة فِي مِلِكُوتِ الرّغْوَة .
لا تهنّوا،وكلوا بعضكم بعضًا،إِنّ
الله جَعَلَ لَنَا أًفْواهًا لِلتّقْبيل وَلَمْ نَسْتَعِن بِهَا حَتّى الآنْ،فَهَلُموا
قَبِّلُوا.
روته كافرة.
الاثنين، 12 أغسطس 2013
السبت، 10 أغسطس 2013
لربما،حبيبي،
أما وقد غضبت قليلًا سأتذكّر أن أترك لروحي
حرية الاحتفاظ ببعض فطرة خلقت عليها،فأنا لست من بين الآلهة اللائي صنعن المعجزات
وبدّلن التاريخ وتشكّل الحب في حجورهم جنائن زنابق، أنا ممن لا يتقن فن التّلاعب
برقّاص الساعة،وممن لا يحترفن الخياطة.
ومع ورغم تخاتل النبض المنفلت ذات ظهيرة
أعلنت فيها السنابل تمرّدها على الفارس الذّهبيّ إلا أنني أدرك تمامًا حكمة
الشعرة،لذلك لن أضع نفسي حين يكفيني فراش جدّي.
رحم بلا رحمة.!
اللوحة من أعمال الفنان العربي العراقي محمد سعد
لم أتورّط
يومًا ببطاقتي الشخصية،فحين تحتلّ الأوطان تصبح البطاقة الشخصية شاهدَ زور ساقطاً لا يؤخذ بشهادته،فهل سقطتُ لتظلّ عروبتي الباهتة
، وفلسطينيّتي المنكوبة ، وعراقيّتي المنفيّة ، وقبيلتي "الأنصار" المتشظّي
أبناؤها كقنبلة ألقتها يدُ الحياة لندرك من خلالها معنى التبدّد والتلاقي عبر فضاءات
مفترضة هنا وهناك،فكم مرة ذهبتُ فيها لإحضار
الماء من البئر بشعر مشعّث وحذاء بالٍ ، لم
يلمع مرة في عيون المترفين،تلك تجعدات هشّمتها أنياب الاحتلال،وتلك إحدى حسناته القليلة،ما
ليس في بطاقتي يا رفقاء هو عدد المفقودين من حياتي ، ما ليس في بطاقتي هي حياتي كلّها
.
فما الذي يدفعني للحياة ولماذا أحيا ؟
ثمّة برزخ
ساقط بينهما لا يؤمن باللقيا، ألم يكن من البدهي أن نقول أيضا ولمن نحيا ،نكتب،هي فقط
ممارسة للعقوق كي ندرك معنى الانتماء فأنا موّكلة بذاتي،لأنتقم من كبير الحمقى،أخبرتني
جدّتي ذات سكرة ولم تكن تضع أية زينة، ولم تكرع كأسًا تلك الليلة، غابت الــ مِن بها
ومازلت أبحث عنها.
حين
تداهمنا النوبات الحرارية منتهكة كلّ الأعراف والقوانين، ككتل سائلة تشبه انفلات
الحمم البركانية، تطفح من الشقوق على شكل سائل انصهر في أعماقنا فانبثق،لا نسأل عن
العوائق الّتي تمنعنا من الانفجار،كتابة،ثمّة طقوس للموت لا يحتاج معها المحكوم شنقًا هيأة ما ليلقى حتفه،قيل إن للشياطين أرواحًا،أستحضرها
وأهيئُ لها مقعدًا متواضعًا وعلبة سجائر
فاخرة،في هذه الأثناء تكون أناي قد أعدت ركوة بالهال ومبخرة،اقرأ على الورق تعويذة
سومرية شبيهة بتلك الّتي ألقاها هاروت وماروت.هكذا هي الكتابة مُعدية،مُولّدة،تأكلنا
ونُهضم، وما تبقى من لون الظّل يترحّم علينا.
لو ملكتُ
أمرَ ما كنتُه ما تمنّيت أن أكون غيره.
قد تكون
الأصوات هي الّتي تحتل اهتمامنا وذواكرنا أكثر من غيرها،ولمدة طويلة اعتقدتها
بمثابة لغز رئيس للكون والّتي تفسّر طبيعة الظواهر بخفة كبيرة،وهي العقبات الّتي لا حدّ لها نتيجة
الانفجار.
في
الثمانينيات ولم أعد أتذكر تاريخ ذلك اليوم تحديدًا،كنت أبيت في بيت عمي ،وبعد
صلاة الظهر أُخرج أهل المخيم من بيوتهم،ثم طلب منهم الابتعاد عن البيوت إلى
الجبال،قالوا لنا أنه سيتم هدم بيت أحد المتهمين بقتل الجندي "الإسرائيلي"،
اختبأت في البيت ولم أخرج مع الناس بقيت مختبئة حتّى الدقائق الأخيرة ثم صعدت إلى
السطح لأشهد الحدث العظيم،بدا المخيم مثل مقبرة كان هنا بشر،حتّى الطيور لم ألحظ
أي وجود لها فو ق الأسطح وأسلاك الأعمدة الكهربائية،كان يبدو على الجند أنهم
استشروا مذعورين فتنمّر القط بداخلهم وطالت مخالبه.وعلى الرغم من المغزى الإنساني،كان
الهدوء أجمل ما في تلك اللحظة"نعم كان الهدوء جميلًا"وتحول المجاز إلى
واقع شهدتُ عليه وحدي.
وأنا
واقفة معلّقة بقيود لا تُرى سمعت غمغمة صوتيّة علامة احتراق الديناميت،تمزّق الصمت
وتضاعفت الغمغمة ثم خرجت صرخة الثور الأخيرة ،علا البيت إلى السماء،قَبَّلَ الغيم
ثم عاد واستقرت الرهبة الكاسحة،هبط أهل المخيم من الجبال و الصراخ و سال العويل
أمامهم مثل الدماء القانية فملأ أذنيّ والأكف المرتعشة رعبًا.
الصخب،هو
أحد النقاط الثابتة الّتي أفكر بزرع عبوة ناسفة فيه لأتخلص من الخوار.
أتتناسب
مثل هذه الشعوذات،في أرض محتلة،حيث لا يمكن أن
يكبر الفرد أو يصغر،كلّ حال يهبنا عمرًا آخر لا علاقة له بالأعمار
الرّقمية.
ممنوع
منعًا قاطعًا الخروج بعد الساعة السابعة مساءً أثناء الاجتياح ومنع
التجوال،وخصوصًا في المساءات الّتي تلي تصعيدات عسكرية ومظاهرات احتجاجية.
كلّما
تأخرت ونادرًا ما أتأخر،حين لا أمتلك جرأة القول،تؤنّبني نفسي فأبقى مستغرقة في
ذهول طفلة، ومنذ وعيت على اليونسكو ومازلت أنتظر العيد الذي لم يأتِ. أيعقل أن
المشكلة في كوني أشعر دومًا أنني طفلة.!
لقد
تعلّمنا الإيمان بقوة الكلمة الصادقة،ومن خلالها ندعو بإصرار إلى توكيد عدم
الاعتراف بقيود وهمية،ونعترف بقيد الفكرة حتّى نحررها.
إن
الكتابة والرسم نوعان من الرفض والاعتراض،يجد فيهما الكاتب قسوة وتعذيبًا لنفسه يستعذبه،يحلم ويتمنى أن
يلغي فداحة التناقض ووقاحة الوصاية،لكنه لا يسعى في كتاباته للتشابه،فإذا نفيت
الرّحمة بطلت الحاجة إلى التعذيب،وإن أفجر الناس أطغاهم،والكاتب أفسقهم،فليس هنالك
نص يوقّع بكامل الاستقامة أو كامل النقص،حين أتوقف عن الحلم والتّمني قد أشعر
بالخواء.
لعل
الوضعية الخاصة جعلتنا نطرح الأسئلة بطريقة أخرى كنوع من العقوبة الّتي ستلحق بي،إن
كانت ما تزال فيّ بقية عقل،لماذا لم نُسأل عن نسبة السكينة في حياتنا!
فمن غير المعقول
أن نطلب ممن خلق على قلق حصر أكثر الأشياء زخمًا في حياته. حين ينتهي عمر الاحتلال
سأخبركم كم كانت نسبة الطمأنينة في حياتي.
الكتابة
نوع من الاحتجاج على الواقع ،ولا أحد يستطيع أن يتمسك بتعاليمه، وواقع المرأة
العربية أشد قسوة من واقع الرجل فيه،لكن المرأة في ممارسة احتجاجها أكثر تمسكًا
بآداب السلوك الاجتماعي
والقارئ"المحافظ" يبالغ في امتداح هذه الالتزامات في حين قد يكون
من أكثر الناس فسقًا في سلوكه،وزهو المرأة
بما لديها من معتقدات إنما هو زهو لا يمكن التزامه لأنه دون تأثير عليها.
ولربما
لأنني لا اقرأ الأدب من حيث جنس الكاتب لا أجد فوارق بين الأدب الرجالي وبين
النسائي سوى في قراءة نفسية تحليلية للنص.
إننا نلهج
بكل اللغات الممكنة لنعبّر عن معنى واحد"المحبة"لكننا لم نعثر حتّى الآن
عن لغة تواصل نتّفق من خلالها على فكرة موحّدة.
أمة عربية
بمدائنها وجيوشها وحضارتها كيف تكوّرت في رّحم بلا رحمة.!
الجمعة، 9 أغسطس 2013
نحن بحاجة اليوم إلى تجربة "حب"انسانية تجديدية تعتمد الوسطية وتبتعد عن التطرف، وتستطيع اِثبات وجوده في صراعه على جبهتين، الأولى جبهة رفض وممانعة الرّضوخ لشدّة التعلّق بالنظم الاجتماعية والاجتماعية "الدينية" القديمة شكلًا ومضمونًا، وجبهة التّخلص من عيوب الحب المتطرف،والّتي ينادي بها وتمارسها من دون مسؤولية.
نحن بحاجة للتصالح مع أنفسنا قبل المصالحة مع الآخرين.
نحن بحاجة للتصالح مع أنفسنا قبل المصالحة مع الآخرين.
الخميس، 8 أغسطس 2013
تقول جدّتي"القرد بعين إمه غزال"
نتفق جميعنا على أن الذائقة العامة لا يمكن
تحديدها سوى بوجود عناصرها الخاصة"بالانتماء"للشيء،وكأي شراكة في الحياة
يلزمها العناصر الرئيسة لتقوم مثال الذكر
والأنثى = "زواج" وينتج عنهما الأبناء،ومثال لغة ورسالة أو وفكرة = "أدب."وينتج عنه
الأجناس الأدبية.
لكن تلك المعادلة ليس من شأنها أن تمنح أو
ترفع عن نتاج الأدب صفة الانتماء إلى الأدب إلا إذا غاب أحد العناصر الرئيسية
لتكوين الأدب.فمثلًا ليس باستطاعة أي كان أن يدّعي أن ذاك الصبيّ ليس نتاج مشروع
زواج لكونه حمل اللون كذا أو الشكل كذا و إحدى ما يميز عناصر المنتج ،ولوجود كلا
العناصر"الذكر و الأنثى" (مع احترام الشرعية).وقيس على ذلك الأدب وما
ينتج عنه.
جنوب آخر،لديوان الشاعر نبيل نعمه الجابري
نبيل نعمه الجابري
في التضاريس تنعطف جنوباً
مثل صبيّ المذبح ،تحفُّ حاشية
عباءته بوحل الدّرب من بوابة المعبد حتّى خشبة المسلخ،يرفع مظلة كبيرة فوق رأس
القس،ثم يرفع رأسه عاليًا.قال وهو يخبِّئُ دموع الرِّضى:إنَّ كلّ شخصٍ تمطر
السّماء وتبلّلُ روحه هو شخصٌ صالح.
ثم يهبط بخطوات حذرة والناس يراقبون
خيطيَ حذائه الغاطسين في الطّين،سمع همس
أحدهم"الأردية السوداء تحدِثُ قرقرة مثل البطون الخاوية" التفت نحوه
قائلًا بل هي مثل أرواح أشجار فارعات تبزغ علوًا
من الجنوب.
طقس لكتابة
التّراب
عندما أفاق من صمته التراب
احتشدت
حناجر الماضين
تُلقم
الذات
بما
استودعته لأيام القيظ السماء
منذ
تيه صوفي الملامح كان النبأ
عناوينه تشبه القبعات حين يُشَكّل
المطر هدبًا في حوافها،وفي الاقتباس أعلاه من نص"طقس لكتابة
التّراب"الشاعر هنا يهذي ليقدّم
شهادة لــ"هو،أفاق" كان
في الماضي،وهو الغائب عن الحاضر المنتظر مستقبلًا بعد أن غافله "فلقم الذات
بما استودعته" ثم من حيث كان يدري لقم التّراب بالتّراب.
ما أضمره صعلوك
(تعرفي الذي أبديته، لا يحتمل تعرفي الذي لم
أبده)([1])
ويتسع
المعنى .......
البدء
تحضُّ
على اقتراف الجنون
والشفاه
يتعتق فيها المدى
أريق
الترابَ وسُلّمة البياض مثل ريح قلقة
تفصح
عن اغتراب الدّم بالشريان
فكلما
زادت حدة النبر
يهتز عودي
لم يكن الصمت ليروي عنه حكاياته،لو يتّسع الوقت
للإجابة سننتظر ألف حياة كي نعيش بعدها كما ضمر الصعلوك،وهنا صعلوكنا شاعر سبق
العصر، كان يكتب كالحالم ،مغمض
العينين،فيفضح غاية الطّين،ويشي به التّبغ كلّما اهتزّ عوده،وهذا يحدث
شعريًا وفكريًا،لأن الفعل في غالبية نصوص الكاتب نبيل هي أفعال ماضية،نصّب نفسه من
خلالها مؤرخًا يدرِّس"القارئ"تاريخ
الأولين.
وهذه عناصر تؤكد هيمنته على روح
النص، ولو أننا عزلنا "الشاعر"عن القصيدة فإنها تفقد روحها المحرّكة
للماضي والآن "الحاضر"ولولا هذه
لما خلقت حالة الإبداع في هذه اللوحات.
في حين ليست هناك نمطيّة يمكن تحديدها
في تلك اللآلئ ،أما انفصاله عن الثّبات وتحوّله إلى أشكال متحرّكة ذات صوت"
ريح،ودم،ونبر" تهزّ الريح عوده فيسمع حفيفه ويعلو النبر ليسمع دفق دمه.
وكأنما الشاعر هنا وليد مع بدء
كلّ قصيدة يخلق من جديد،في حين لن نعثر على ولادة تقليدية في حياة النص المفتوحة
تعمُّدًا على واقعه الذي ينبثق عنه وعلى دلالاته المشعّة من ولادته
المتكررة دون نمطيّة،وبذلك تتجلى روح الشاعر فتسمو سموًّا بأرواح قصائده،فيدخل بذلك نفوس المتلقّين ليصير
أقرب لاستثارة مكنون النفس.
يظهر من أساليب التّجريد الذاتي "ورأيته مراوغًا في بعض الأبيات"للكاتب
الإنسان في كتاباته،عودته بأشكال أخرى غير الّتي تعوّد عليها القارئ"أنا"
في الشعر الحديث،وذلك ما يجعل قراءة النص ليست باليسيرة،فالتّشبيه هنا غير مباشر
ونابع من مخيّلة الشاعر،وهذا النوع من الكتابة لا يطرب فئة ليست صغيرة من القرّاء
والنّقاد.
يحدّثنا الشاعر عن سيرته الجنائزية وكيف كانت فوضى الطقوس تضرب عمق فلسفة
الجنوب في حين ظلّ هو الأقوى بسموه وانحيازه التام للحياة ،للإنسانية
لكسب المتلقي واحتضانه في المشاركة العاطفية والوجدانية والمسؤولية.
إغماضةُ جرحٍ
لغصنِ زيتون
شيطانا
من شعر
صرت
أبحث عن صارية أجمع فيها المدى بقارورة سندباد..
(قديمي
– جديد)، (جديدي – قديم)
هنا يهبط من علياء مخيّلته في استعارة استعمل فيها
التّشبيه المباشر لأسطورة السندباد فنتج عنه "قديمي،جديد،جديدي قديم"
وكي يفهم هذا النص تحديدًا يجب أن يُقرأ دفعة واحدة،فمن الصعب تجزأته،لنفهم شكل علاقته
بالوقت،الزمان والمكان.
كما أن في تلك النصوص منجزًا
تقنيًّا معاصرًا نلمس من خلاله مجهودًا
من أجل بعث الدفء والتواصل
الحميمي من خلال تقاسم القصيدة بينه وبين المتلقي.
في بعض النصوص نعثر على
الارتداد عن الغموض التجديدي والعودة إلى إحياء الشعر غير المتطرّف المتوازن في
بنية فنية وجمالية نستسيغها بما يعيد للشعرية العربية والقصيدة مذاقها بأسلوبيته السلسة
ومناخ قصائده النفسي الوجداني والطبيعي ،في حين عمل الشاعر على تخليص نفسه من
البيئة الجغرافية والدينية.
مطاف..
بمعراجكِ نبيٌ
حين تندسين كثواني اللهفة
بخلايا الوجد
أعلقُ بتراب التكوين
ويغدو حفرةً جسدي
تختبئ فيه الجميلاتُ
كلُّ المتطلعاتُ لرؤية النهر
المتدفق بين الأصابع
يتوحدن في أنثى تشبهكِ.
لا يمكن أن تكون مصادفة ،كأن
ريحًا عاتية تشيّع المشاهد،في تسارع تقرقع الصّور المعلّقة على الموقد،فيعيد
لثقافة الاندساس كينونتها الأصيلة ويمنح للأنثى حقها بالتّفرّد بها.
كما نلاحظ في هذا الديوان إقصاء الشاعر للذكورية الحامية،والّتي هي موضع
تأمل منعزل تمامًا عن النص، تلك الذكورية الأشدّ قوة بطبيعة الحال،والّتي يحلم بها
الإنسان "الذكر"كإعلان عن قوة ذاتية أو استعراض جنسي تستطيع بشكل خاص أن
تفتح الأجساد والأبواب،بأفكار متعلقة بالذكورية تكون فيها الرمزية مباشرة ،الصوت
فيها صراخ والحنو فيها فج وقيد،إلا أنه لن يستطيع من خلالها تحليل ما هو ثابت
ليحلق.فيظهر هنا ذكاء الشاعر في تقنيته التجريدية ،في حين لم يفقد رجولته بل عمل
على تبرئتها من المعتقدات ونفى عنه قساوة الذكورية ،ومن جانب آخر تطفو سمات
الإنسان دون الإغراق في "الأنا" بانضباط توظيف المفردة وجمالية الصور
الشعرية.
وحدهُ
الطّينُ.. يتجلى
وحيداً أطأ الطينَ
قصائدي خطوات يرتبك فيها الماء
تربض في ثرثرة تجتاح
الأروقة
وحيداً أطأ الطينَ
مأهولاً بدهاليز الفطنة عند
الأبواب
يذوي الفجر على عتبة ضوءٍ
فينام المرمل بسهد الليالي
على شبق الطيوف
وحيداً أطأ الطينَ
قضم التّفاحة فسقطت حروفه بذورًا على سرّته،بينما ظلّ الوقت ينتصب في وجه
الطّين هناك،ما وراء النهاية،"هو" لا يمثل نفسه كعاشق أو ضحية ،هو لا
يدّعي أنه يألم ولا يلقي بالتّهم والعتاب، إنه مجموع إنسان سما بأرواحه سمو
الكهنة.
كلّما تنهّد ترتعش قصيدة،فتكتسي غابة جرداء،ونسقط في عميق الأرض،تتسع من
بيت الإبرة حتّى أقصى الاتجاهات،فتغدو كلّها شمالًا لعميق الجنوب.
استند الكاتب في مسعاه إلى اعتماد الوسطية مبتعدًا عن التطرف في الغموض،ليروم
الفوز بشكل الصورة الشعرية الفنيّة مستعينًا بمخيال خصب.من جهة ، ومن جهة أخرى امتاز
بسهولة الاستيعاب.
ترك ختمه آخر الديوان_
هذي الدّروب المشفرة بالمسير... المتمردة على الانتماء
أبواب مشرّعة نحو الله
ونحن المترعون بذاكرة المدن القصّية
الطاعنون في الغياب
نندس في جيب السؤال، نرتكب الرّحيل مراراً
علّنا ندرك حكمة الجنوب
نحتَ
تضاريسه دون الإشارة إلى جغرافيا المكان لا من قريب ولا من بعيد،حتّى في انزياحه
للمعنى جلّ شاراته "دينية"،طبيعة،إنسانية،وكالعالِم حاول تغير وجهة
البوصلة من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها،فحفر أثرًا بليغًا في جنوب نقطة الارتكاز،جنوب
الجسد،وخزائن التّكوين،جنوب جنوننا حين يكون الموت حاجة ضرورية للمقابر.!
ومع أنني لأول مرة أقرأ هذا
الديوان للشاعر نبيل نمعه والذي هو أول عمل شعري له والصادر عن دار فضاءات عمّان
"الأردن" إلا أنني شعرت أن له
فلسفته الخاصة في الشعر.
لولا
الجنوب لما أدركنا طهر الاتجاهات الأربع يا خاصرة الأرض الممغنطة.
الثلاثاء، 6 أغسطس 2013
الاثنين، 5 أغسطس 2013
الأحد، 4 أغسطس 2013
حين يهطل المطر كرداء
الكاهن،يتدلّى من السّماء،خذ بتلابيبه
ورتّل ما تيسّر من الجنون
الممتدّ في مجاز البخّور ،كن غرامافون لأنزلق مع الأغنيات فيك،وانفخ فيّ،فثمّة
حزمٌ من الشوق لم تلتهمها حرائق المساطب،
لا فرق بين عائد ومغادر،إلا
بالحنين.
فبينوكيو كان يجيد القفز بأرجل خشبية،ونحن نمتلك ليونة
تفوق رطوبة الخشب،ولطالما كرهت ضعفه،
ما أنتهينا،اقفز....سنلتقي
مرة أخرى في الطرف الآخر للكون.
لكل الماكثين في أروقة ذاكرتي
والذين لاحقًا انتحبوا لهم محاريب أخرى يندبون الخطيئة وفقًا لمعالم الوالي...ليس
شكرًا.
http://www.youtube.com/watch?v=9eQjER3Yu_M&list=WL9F99A37ED730595B
السبت، 3 أغسطس 2013
الجمعة، 2 أغسطس 2013
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)