اللوحة لـــ zaid Alobayde
شاخ الفرح يا شيخي و ما أنِفنا انتظاره نغتسل بالفراق ، نمني النفس أن غدا لنا موعدا لن نخلفه و إن تبلى السرائر و تكثر الأنصاب ، و إن يسألونك عن الشوق قل هو أذى لكم فيه منافع للمحبين و أذاه أكبر ،و لسوف نكتبه بيننا و نُشهِدُ علينا أحدا ، و حين تأمن إليّ ردَّ لي ما ائتمنتَ عليه ،
هل حدث لك أن مشيت في طريق و كان الدرب يسبقك..؟ هكذا السير في أول الخطو نحو عتبة اللقاء، هكذا تسبقنا الفرحة إلى حيث الموعد متأنقة ، حين نصل فقط ندرك أن أحدهم وشى بنا للأماكن ، و الحقيقة هي فرحتنا ليس غيرها ، هي التي تغوينا ، كل يوم في حلة و كل آن تقلبنا و تسقطنا في شأن ،
راقبه ليل نهار بدقة لا مزيد عليها ، و في نهاية اليوم الألف بعد نهاية القرن أعِد مركبك للرحيل ،و لتعلم انه ليس بإمكان احدنا الوقوف على بينة تساعدنا في بحثنا ، و مع ذلك فقد كنت واثقة تمام الثقة بأن المركب كان قد حفظ تضاريس الطريق ، حمّلَ الحجارة المهرّبة كــالعادة ...و اغرق في قيعان دمي و أمعن في الغرق حتى بدايات التاريخ ،
أخبرني ، هل تصدق أن بإمكان الفرد أن يمارس الحب حد الجنون بـــ ودرة ، بأجنحة وهمية بصبابة و غرام تشجي أعذب الأنغام ، نغم يذكرك بأوائل الأشياء ، حين تعشق الورود حتما سوف تحترف عشق امرأة ،و تدفن وجهك بين يديها منصتا إلى صوت أثار فيك كل كوامن الغرام ، ضربا من أثقال جأش لا تتضعضع شجاعته أمام الذعر و الهلع ، و لئلا تخشى منه الخوف اقبض على عنقها و أضغط بكل ما أوتيت من قوة حتى آخر قرع للساعة ، تنفسها حتى آخر الهواء،
لطفا بهذه اللحظات و ما فيها ، حتام عليها أن تفضي إليك بكل عبيرها و أفصح لي بما أكشف عن النوى المسهد ،و أرجوك لا تكونن رجلا دهينا بالكاد يُرى ، حيثما الفرح كن كــ لهيب السياط أوقظ كل المواسم كمن يوقظ النائم للصلاة ، و أجعل لها حِرزا على مقاسها يقيها شر السحرة ، إذ ذاك سوف تقابلني فَأَفْهِمْكَ أنني دفعتُ بي إليك بطيب خاطر ،
إياك أن تفزع الفرح المتضام بعضه إلى بعض كأنما لؤلؤ مرصوف كما زهرة الأوركيد ، أرأب شروخ الناي كاد عزفه يفصلني عني ، و اقطع بحد السيف دابر الخوف فاحشة كانت آلامه ، فإن من الغباء أن تقول و لا تستمع إلى أقوالك المصقولة في آذان الغير ، لتعلم حينها إن كنت قد قلت الصدق أم دون أدنى من ذلك ، اترك لي أثرا يؤثر في نفس الناظرين تأثيرا لائقا بمن توجته و نقشته نقشا بديعا على قلبي ، و تذكر ، ليست المأساة مقدّرة علينا ، إنما لنا من الفرح حصة و إن لم تلحظ زورقه ، أعلم أن ستكون في القلب غصة على من فارق و ليس بمقدورهم أن يكونوا معنا لكني واثقة تماما أنهم في الجوار يجتهدون الفرح من أجلنا ،
تُزاحمني في ساعات الملل ، و تترك مساحة للتحرّش ينفقها البرد ، كما لو كان قطا مشردا يصدح مواءه في أزقة الليل مثيرا للرعب ، كذا البرد يُقرِّص أطرافي، يذكرني كم أنا بحاجة إليك ، لا تنهره ، دعه يستعيد وجه المغامرة الطائشة لئلا يمر مرورا عابرا ، يا شوق كن بردا و سلاما على روحه العابرة على المدى ،
مثلنا يشعر بصقيع الرصاصة ولا يدرك إحراقها لمواطن الصقيع ، ليت مدامعي و منازعني و مباسمي تمهد أرض اللقاء ، و ليت بمقدوري أن أشيع أحزانك إلى مثواها الأخير.. ليت باستطاعتي أن أمد أذرعي نحوك ... ليتني ....
شيخي ، هل تعلم أنك الشاهد الوحيد ....؟ أرجوك لا تمت و انتظرني قليلا ، أعلم أنك لا تركن إلى النصح ، مثلك أشبهك لا أرضى بــ أنصاف الذاكرة المطهَّرة ، ولا أقْبَلُ بأنصاف التوابين ، كما لم أبقِ ذرة في قلبي إلا و استهلكت لعلَّهم يتذكرون ،
شيخي ، أما زال السرير المعلق بسقف الأوضة العتيقة أمازال الطلاء البرتقالي يغطيه ... انتظرني قليلا ، يوما ما ... بقي بحوزتي حفنة ذكريات و رزمة مواعيد ، و لن يؤكد أقوالي إلا أنت ..