الجمعة، 20 يونيو 2014

رنّة فنجان



سأعود بذاكرتي إلى مقهى التسعينيات،التسعينيات الّتي وقفَت على بعد مرمى من عصبيتي،وكنت على مرمى وعي بأبعد متعب من ذاكرة.



وحيدة في مقهى، ليس فيه سواي والنادل المتأهب لإيماءة بفنجان آخر يجتهد اختيار الأغنيات ويزيد من نكهة الهال في كل فنجان كي يبقيني أكبر كميّة من القهوة،هذا الشاب الثلاثينيّ النحيل لا يتعب من الوقوف قبالة طاولتي خلف البار مباشرة، يلمّع الكؤوس تارة ويبدّل الأغنية تارة أخرى كلّما لحظ امتعاضي وأدرك تقطيبتي العدائية،وقتئذ يدرك أن عليه كسب بقائي باختيار أفضل.


كلّ ذكرى والمقهى بخير،

المقاهي الأثمن تلك الّتي حفظت لنا مقعدًا في أول لقاء،لأنها دومًا ستحتفظ لنا بمقعد لاحقًا وحين نعود لزيارة ذكرياتنا.



صغيرة كنتُ حين بدأت بشرب القهوة،أتعبت أمي تقنعني بتركها حتّى استعانت بصديقتها جميلة،وجميلة صبيّة جميلة حقًا،كنتُ أحبها لذا اختارتها أمي وسيطًا بيني وبينها،إلا أن جميلة كانت تمتلك نوعًا لذيذًا من الغباء حاولت به اقناعي بترك القهوة قائلة"لا تشربي قهوة بيطلعلك شوارب"يا إلهي كم ضحكت في ذاك اليوم على أمي فشربت القهوة سرًا،وضحكت من جميلة وتركتها تعتقد بأنها نجحت في اقناعي.


وفي الثالثة عشرة عدت لشرب القهوة علنًا بجدارة وبنهم حين اشتريت أول علبة سجائر بالنعناع.

سحقًا،كنتُ أود العودة إلى التسعينيات،ما الذي جاء بي مقهى الثمانينيات إلى هنا ثم كيف بدّل مقهى الثمانين مقاعده بمقهى الألفين.!



كان أبي كلّما عاد من العراق يستيقظ مبكرًا ويصطحبني معه إلى السوق،هناك كان يقابلنا القهوجي برنّة فناجينه المطربة،يسكب لي فنجانًا ولأبتي ثانٍ،لم تكن أمي على علم بفعلتنا،وراقت لنا فكرة أن يكون لنا سرٌ خاصٌ بنا وبعيدًا عن متناول انتقادات أمي وتوبيخاتها المستفزّة و"رطنها"يا ربّ قدس سرّ الصباحات الّتي رافقت فيها أبتي

أتساءل كيف لصباح أن يجيء دونه،دون رنّة الفنجان.؟

















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق