الخميس، 19 يونيو 2014

دخان وغياب



لا أحب آلات النّفخ،وتروقني كثيرًا الآلات الوتريّة وآلات النّقر،تنقر برقّة تفوق حدّ الخيال رأس الذكرى،فتثقب رأسي كما يفعل نقّار الخشب،كيف يخرق هذا الملعون الخشب ويصل إلى لبّه وأعجز أنا عن نقر رأسي واخراجك منه.؟!

هذي هي الساعة القاتلة،حلّ الغياب مرة أخرى،ولا أحد غيري يلحظ أنكَ لستَ هنا،لو أن السيجارة لا تنتهي وتدوم وتدوم،كما يدوم دخان غيابك،وليتني حسبت حساب المقتل،وادّخرت سجائرًا ونبيذًا وعرقًا وقليلًا من الصّور،

قوّة الذكرى وشدّتها ضروريّتان لتأمين ضربات إيقاعيّة قويّة لرأسي،لذا كان عليّ أن أحسن اختيار العطر.

الجميع رحلوا بمظاهرهم البائسة وأرواحهم الرّثة إلى مكان يقف فيه إبليس وأتباعه،ليشيّدوا كذبة لذيذة وقبلة طريّة تصلح للنيء من العمر،للتساؤلات المعقدة،وكي تلغي مسافة حفرت عميقًا بيننا.

لستُ أدري ما الذي جعلني أعتقد بوجود جسم غريب على مدار الخاصرة، هذا الوجود الأزليّ وهو يغرز مخالبه فيّ سيظل كذلك إلى الأبد، حين أقارن عمر حضورك بعمر الغياب الأزليّ أو الأبد، أجده بحجم ندبة فيروسية ملتهبة، ورغم ذلك أظل مصرة على خلود تلك الندبة.

هكذا يبدو الوطن قبرًا مفتوحًا على الجور والعدم،كم منا سيلتهم قبل أن يمنح أصغرنا طريقًا آمنًا إلى المدرسة،أو جنازة وجل تليق بفضيلة كبيرنا.؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق