الخميس، 29 سبتمبر 2011

فكرة عبرت برأسي الأبله .



تذكرت حديث مع جدتي الراحلة ..
لفت انتباهي ذات سخاء دموعها في كل عزاء ، سألتها ، من أين لك كل تلك الدموع و أنا لا أجد في مثل هذه المواقف سوى الصمت ..؟
فقالت بلهجتها الحنون : لبكيلكن وأبكي على حالي و أكثر بكاي على حالي ، و أضافت : يا حبيبتي كل وحده فينا بتبكي عاللي راحولها و الناس بتفكر بكانا مجاملة .

سأحذف بعض المقاطع من الأحاديث العصرية منها و القديمة و سأجعل بعض الولادات المستعصية قيد تخميناتكم و سأدعوكم وعلى رأسكم المتضخم المثخن بالعفن سوء النية و لنرى ماذا تصنعون بالمحذوفات و ماذا تضعون في مكانها لنتعرف عليكم كما يجب...!!
إن التجربة التي نخوضها مرغمين أو راغبين من شأنها أن تضيئ زاوية من زوايانا المعتمة و التي نجهل وجودها ،و خلال الخوض نكتشف أفكارا قميئة تصيبنا بالغثيان ، أفكار كنا نراها الأفضل ، و أخرى تنأى بنا عن كل السفاسف،
ثم تتكاتف الخيبات و الجراحات و تتكاثف وترتفع عاليا لتمطر فوق الرؤوس زخم يشجينا ،يخلخل النمطية فينا و ثرثراتنا ،ضعفنا ، تفاهاتنا ، ونعود للسير وفق أجندة النسويات بلغتها القائمة لإثبات الوجودية (وجود المرأة) و ننكرنا و نستعير من التراث كل ما مضى لنكون مقبولات في المجتمع ، و على استحياء نبدأ باعتناق الخرافة وفي العين وجوم ،

وساعتها سوف تؤاتينا الإرادة و قد تسلحنا إلى هذا الحد الذي معه لن تستطيعوا معنا صبرا ولن نخشى كــالجبناء أهوائنا ،و لن يهم إن تنكرتم برداء الديانات ، فشوقكم للملذات يجرفكم لتحرقات الدم الشبقية إلى الرغبات الأكثر جموحا ..

أصداء الآهات نسمعها لبرهة مثل موسيقى بعيدة تخبو في الليل ، خلف ستار الظلام ، و نساء تحاول أن تخفي أجسادها المسالمة المرتعدة خوفا من الليل و نواقيس الذكرى الكئيبة و بأيديهن شموع مطفأة ، خوفا من عطوركم الغافية في ذاكرتهن و من وقع أقدام الموت البارد المترقب ، تتدافع النسوة خلف ساتر الأسرة متعثرة فوق أحلامها ، في تلك الحجرات المظلمة حيث يقتلن الوقت ، حيث تذبل ..و ترقدن إلى جانب الصخب السري بعد تأملات ملية ،وبعد منتصف العمر ينصتن في ورع إلى صوت المتوارين خلف الغياب ... قائلات : لا نريد الإلتفات إلى الوراء ..
يتحايلن على أطيافكم يقلصن المسافات بينهن و بينكم لعل الحنين يعيدكم ،
تنتفض الروح من تحت الجلد المجعد غاضبة و آهات تمزق صدر الثياب صعودا نزولا صارخة بوجوههن ..: وبعد.........أبعد كل هذا و بعد أن كدنا نصل تتوقفن عن العبادة ...؟! آآه صار الإنتظار في وطني شيء من العبادة أكثر منه عادة ،و صوت الآهات الخافتة الدفينة في عتمة الليالي الطويلة تحكي لنا حكاية القرنفلة و الياسمينة ، و الوجد مشرط يشرّح أعناقهن ، فيركبن عبثا محراب البكاء ، و هذا الحزن الشاهق يلتهمهن كيفما شاء ،يطلق الرصاص على قلوبهن متى شاء،و أنتم تعبثون بهن ، قلتم لهن سنأتي من مدائن السكّر نحمل الشوق و من شرفات الذهول نسرقكن ، و نطوّب الأجساد لكُن كــالنايات الصادحات ،و بقين خلف الأمل لاهثات ، أولئك الذين فقدناهم كأنهم موتى يرهقوننا بحديث يرتدّ دون صدى لا يشبع ، فيصير الإرتواء من الدموع وتجف الروح و لا يرانا إلا العابرون قدرا ،قتلة الضمير لا يحترفون سوى الثرثرة في زمن تسوؤه الأشباه ،
هل حاولتم يوما التقاط الخريف و رحا الحرب دائرة فوق الأغطية البيضاء ،تحار كيف تفرق بينها و بين الأكفان تراها أكفان أم للبرد وقاء ..
و الفرح الكنعاني الخرافي جائع يضاجع رصيف الصمت ،و يختبئن في فضاءات النزيف يبتهلن كي تزرق السماء و يتساقط الندى برائحة الخزامى، ويمتد الظمأ
، فيكتشفن مذعورات السرعة التي بها سرق العمر و تراكم الآهات وتذوي خلفهن الشموع المحترقات ، فيتملكهن الرعب و إلى الأغطية يسرعن يختبئن خوفا من أن يتلبسهن وجه المرآة ،ينتفض البكاء أعاصير ،هدهدهن نوح الحمائم ،وكل صباح تحلق فوق الرؤوس خاطرة ..كيف نعيد التراتيب و كيف نحتمي من الرؤية التفكيكية و الشماتة ونحتمي خشية الخطيئة ونهجر مراتع الأمنيات ..لنعيد ترتيل الأغنيات القديمة ، ونركل الأفكار الفارغة و ننضج كمـــا الحياة، كــما سفينة تبحر نحو الغروب كمـــا ستار يسدل نهاية المسرحية.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق