الخميس، 16 يونيو 2011

المُهاجر !




مطار بغداد




قبل أن تنقضي ساعة كان قد أعلن عن موعد إقلاع الطائرة .
جلس يتحسسُ تجاعيد المسافة المتبقية و يرتشفُ قهوة الغائبة ، كان الراحلون منتشين يهزون حقائبهم و أردافهم في آن ، بدوا كجوقة من حمام مهاجر في عرس هارب من برد موعود ، وهو يجاهد كيما يغلق فمه الذي ما انفك فاغرا ،  مع طيف النون الماثل أمامه حاول جاهدا الانشغال باليافطات المرفوعة فوق الهامات ، جلّ ما كان يخشاه أن يتغيروا و يتبدلوا عن مشاعرهم و ينسوا ما كان ،
ثم اتسعت بؤرة التحديق وراح يكبر مع مضي الدقائق و يندلق من عينيه الحنين  ،  فيغدو أكبر و هيئته باتت رمادية اختلط فيها الشك باليقين بقلبه  المكلوم ، ولَكَم أثرى الشُجون عطر هذه العابرة اللحظة التاريخية  و ما تعرضه من رِقّة  ، قال في نفسه إنه الهلاك إنه الهلاك  و أطبق على أنفاسه ،
عبثا حاول هذا المهيض النهوض في تَذَكُر أن الهجرة هي الشيء الوحيد الممكن امام ذلك الحكم الجائر ،
هَوَت أجوافه فوق الرميم و هَوى بدوره ، و  هاهي تنزلق من بين أصابعه فتقطر  إلى فنجانه وصاروا يترجلون من  بعدها الواحد تلو الآخر من ذاكرته ،




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق