الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

قراءة مرمر القاسم في كتاب "محمود درويش في حكايات شخصية"للكاتب نبيل عمرو

قراءة مرمر القاسم في كتاب "محمود درويش في حكايات شخصية"للكاتب نبيل عمرو

خذلان القارئ أخطر فخ يقع فيه الكاتب.
 "محمود درويش في حكايات شخصية."نجد تناقضًا بين العنوان والنّص، ذلك لأن النص هو الجزء الأكبر منه مقابلة واحدة في الظاهر،ولكنه في الحقيقة هي تشبه حلقات مختلفة تروي لنا حكايات قصيرة بشكل مقتضب مرت في حياة درويش، جمعها نبيل عمرو و ركبها نصًا واحدًا تسهيلًا لفهم شخصية درويش وأساليبه في التّعبير عن مجموع تجاربه.

وجدت في هذا الكتاب بعض التفاصيل عن جوانب من حياة محمود درويش والّتي لم أكن على علم بها كبقية الذين عرفوا درويش معرفة مسافة شاشة أو مسافة سمعية أو على ورق،وبالطبع حين قررت اقتناء الكتاب كانت لدي رغبة في معرفة تلك التفاصيل وأبعد.
غطى الكتاب مساحة كانت رماديّة لدي، لكنه خذلني في الكثير أيضًا،وكنت أود لو توسّع الكاتب أكثر،ولو أنه روى لنا عن طريقة محمود درويش في إعداد قهوته،فتلك تفاصيل لا تقل أهمية  من قراره تقديم استقالته من اللّجنة التنفيذية،وكذلك كيف تعامل درويش مع رهاب فراغ القاعة قبل أن يصبح ذا شهرة وتمتلئ قاعات أمسياته بالمعجبين والراغبين بسماع شعره ولقائه.وذلك لكون درويش شكّل بعدًا من الأبعاد الأدبية الشعريّة الفلسطينية والعالمية.
تناول الكاتب نبيل عمرو الطبيعة الأساسية في اتساق حياة كونت فصولها تلك الطبيعة الثقافية والسياسية لحياة محمود درويش،فما هو ممنوح للمثقف والأديب الفلسطيني لكونه محتل في بقعة ذات مكانة وأهميّة عالمية وإسلامية ليس لغيره من أدباء العالم العربي،وهو بمثابة تجربة الشيء والسمو بما يبقيه أثر الأشياء،فالطبيعة العلمية الفيزيائية والمادة وكل شيء يعيش فينا ويعاش كالسجن والمنفى .
 تلك الأشياء منحت لدرويش ولغيره من أبناء الشعب الفلسطيني،المفارقة تقع في قدرة الشاعر والأديب الإنسان على الإدراك،وبالتالي توظيف ما يدركه في نصه الشعريّ بجماليّة فنيّة أدبيّة وليس العكس.

رأيي_
أعتقد أن درويش كان يجري استعارات تبادلية من العقل إلى الرّوح، فلم يصنع تلك الحالة الشعريّة العالمية لغز.علينا فقط أن نتخيّل كيف استطاع درويش أن يعيش حالة انفصام "غير مرضية" عانا من خلالها دقة وحساسية الرابط بين طبيعة الواقع والرّوح،وهذا له علاقة مباشرة بفينومنيولوجيا الإدراك.
ولست هنا بصدد تحليل وتشريح شخصية درويش،ولكن بناء على ما جاء في كتاب الأديب نبيل عمرو،فإن شخصية درويش تقول أن درويش كان يقوم بانشاء رابط يعارض الحركة الطبيعية الّتي تقوم بدورها باختزال الطبيعة إلى تعددية الأحداث الخارجية فيما بينها بواسطة روابط من السببية.وبعبارة أخرى،درويش الإنسان الموصوم بالتّكبر لم يكن ليكون كذلك لو توفّرت له طبيعة تتيح له فسحة يمارس فيها درويش الحقيقي ذاته.
لست في هذا أبجل درويش أو غيره،ومازلتُ أرفض فكرة "السقف الأدبي"حتى أنني قرأت رأي درويش بمسمّى"السقف الأدبي"
اقتباس:
-أذكرك بموضوع السقف الشعري.؟
محمود:أنا سمعت هذه التهمة،والتي لا أعتبرها تهمة.أعتقد أن الشعر ليس له سقف.للشعر فضاءات،والشعر ليس مثالًا واحدًا.لا أستطيع أن أدعي أن لي هيمنة من نوع ما معنوية وشعرية في الشعر الفلسطيني،لا أنفي ذلك.ولكن هذا لا يعني أنني أحجب أصوات غيري من الشعراء،أو أن ما تقوله كبح تدفق الشعرية الفلسطينية لدى الشباب الفلسطينيين.هذا ليس صحيحًا،فالشعر كما قلنا فضاء،أو فضاءات،ولس نموذجًا واحدًا،وهو مفتوح على اقتراحات ومشاريع لا تنتهي،الحركة الشعرية تتكون من أصوات مختلفة في الخيارات،وأشكال التعبير وفي الأساليب الشعرية.


أي أن محمود أقرّ بوجوده كسقف لكنه أنكر أن يكون وُضِع سقفًا لغيره،فالأولى تعني أنه وصل إلى قمة ما،والثانية يعنى منها وجود قمة يقبع تحتها البقية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق