الخميس، 14 أغسطس 2014

غيابك


جاء المطر مبكرًا هذا العالم،رذاذًا ناعمًا كأنه ندف من سماء قطنيّة،
ما من ليلة إلا وأخذت عطرك معي إلى النوم قربانًا للنّعاس،فكلّ ليلة يستيقظ خوفي عليك وأشباحك يلاحقونني في الأحلام،
أيّ كان ما كان يجب أن تفعله فات أوانه،وأيًّا كان ما تفعله الآن لا يعجبني،وأيًّا كان ما ستفعله بعد الآن لن يعوّضني،فوفّر ضمادك لجراح أخرى غير جراحي.

الكحل الذي لم أمدّه في جفنيّ والكلام الذي لم أقله لك،والليالي الّتي ما عشتها جنبًا إلى جنب معك،والخوف الذي زرعه غيابك في قلبي،ووجع خاصرتي المزمن،وأبنائي الذين لم أنجبهم منك،كل تلك الأشياء أرسلتها إلى سعير،كلّما ألقيت فيها ذكرى سمعت لها رجاءً،وكي أبرِئ قلبي منك قصصتُ جديلتي السوداء ونزعتُ عن وجهي ملامحك، وهي آخر ما بقي لك عندي.
كنتَ بلدي الذي لا نشيد وطني له،فقط بضع همسات كنتُ أرتّلها في أواخر الليل وأرفع عينيك علمًا لبلادي
نشيد بلادي اسمك
وجند بلادي دقات قلبك
خارطة بلادي جسدك
وزراء بلادي ورئيسها أنت
حارس الحدائق والمتاحف والقصور
والمقابر،

وسارقها أنت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق