الجمعة، 30 مايو 2014

خذني للقهوجي واتركني هناك،







خذني للقهوجي واتركني هناك، سوف أحتسي فناجين الغياب كلّها جرعة واحدة، فهذه الأبواب المتصدّعة لا تروقني،وذاكرة المكان لا تكفّ عن التّشدّق أمامي بأسماء القرويين الذين عبروا من هنا هاربين من الموت إلى موت، وهذا الشاطئ الّلعين لا ينفكّ يقهقه كلّما عثرت على أثر قدم لغريق،ما عدتُ أحب مقاهي الميناء،خذني لمقهى وسط مدينة غريبة،فنحن لا نتحدث إلى الغرباء،والمدن كثيرًا ما تشبهنا،لا تفضفض بذاكرتها للغريب. دعني أتذمّر مرة من العيش إلى الأربعين،وألعن وأشتم الفاشيين والساديين،وأحتفظ بكامل السّخط والتّململ،ما ضرّك لو تدحرج رأسي الآن فوق الطاولة أو فوق عشب الملعب الأخضر وسقط في سلّة المهملات التاريخيّة.؟!


نعم أنا مليئة بالخرافات والحماقات تلفّ كل تفاصيلي الصغيرات،وقوانين الطبيعة ونظرية الأبله نيوتن حول الجاذبيّة لا تعجبني،لا أؤمن إلا بالهبل وبفطرة عفويّة تدفعني لضمك وتقبيلك وسط الطريق ،نعم لا أعبأ بأعراف القبيلة ولا تعني لي شيئًا وصايا أمي العتيقة،


لابد أنك تظنني فقدت اتزاني،وليكن،ماذا يهمّك لو جننت حقًا.؟ألم أتهم بالجنون ونعتُّ بالحماقة في العديد من المرات السابقة، وكلّما وجدوا اصراري على قراراتي والاحتفاظ برفاقي .؟


لو سمحت،لا تتلو عليّ نظم الإنسانيّة،فلا أحد يدرك جوهرها الحقيقي سوى الحمقى وصعاليك الليل،آهٍ تذكّرت،لدي رغبة شديدة في زيارة إحدى الحانات واحتساء نبيذ أحمر ككرز أمي،والتدخين بنهم،بنهم،حتّى الموت.


ماذا لو مارسنا الحب كطفلين،ثم ماذا لو تأخرنا إلى ما بعد منتصف الليل،أتعود البلاد،وتلغى نكبتنا،أويعود الفدائي من الجبهة مغبّر الوجه رثّ الثياب يحمل إليّ الهدايا وذخيرة لحرب محتملة.؟


مرة،مرتان،صنعت لي القهوة،ما رأيك لو تعدها لي للمرة الأخيرة.


خذني للكهوجي، أو فلتحقن وريدي بفائض حضور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق