الخميس، 10 أبريل 2014

من القدس


أطير بهاجس الوحي الذي لا يكذب أهلَه .. وحي الضمائرِ التي لم تصلها فوهات البنادق والغازات المسيّلةُ لكلّ جميلٍ ونقيٍّ فينا عدا الدموع
فقد جفّت دموعنا ذات نكبة وتشريد وما عاد يُذرف شيءٌ سوى تلك الدماء التي تنمو هناك على هيئة ركعاتٍ وسجداتٍ في ذراتِ ذاك التراب
العاكف منذ أزلٍ في جناحيّ براقِهِ الذي لمّا يزل يعرج فينا
أطيرُ مدركةً أنّني أجد في كل قلبٍ هنا قدسَ فلسطين ،ترابَها دماء شهدائها ،دموعَ أمّهاتِها وآمالَ الحالمين بها صغاراً وكبارا
أطيرُ شاهدةً على خطاي التي تركتها هناك على عتباتِ الأقصى  راجفةً لمّا تزَلْ  تشدّها جذورها العصيّةُ على أيدي الغاصبين وتدفع عنها عين البندقيةِ التي لا تنامُ هناك ..تلك البندقيةُ التي تسهر وتقتاتُ من دمنا،
أطيرُ موزعةَ الروح بين  قبةِ صخرة المعراج و منبر صلاح والمسجد العمريّ  وكنيسةِ القيامة،هناك حيث لا تكذبُ الحجارة ولا أنفاس الموحدين التي علقت في أعماقها .. وأجيئكم ببعض روح وجدت اكتمال ودفء تلك الأنفاس في رئاتِكم وزوايا قلوبكم التي حملت القدس كلّها .. نعم حملتها لكن من غير بنادق المحتلين وجدرانِهم العازلة.
أطيرُ .. ومازالت في يدي النحيلة شتلةُ زيتونٍ خضراء دافئة" يكاد زيتها يضيء" بين عيوني وفي قلوبكم  حملتها من هناك من التراب الذي لا ينام على غير وضوء ذاك التراب الذي يليق بالدماء والشهادة
 زيتونةٍ تليق بعروبتِكُم التي لم تمحُها في قلوبنا ناياتُ البعد ولا أشرعة الغياب
هناك
في القدس ليس أقسى من لحظات الوقوف على أعتابها،أو عند أبوابها،حين يعزف ناي التسبيح لحنه الشّجيّ ،ويلملم الليل غلسه ليرحل رسول الظلام.
فحاول أن تسجد لتصلي صلاة تصهل كالريح خلف الأسوار،وإن كانت عاليةً بعيدةً لا تدركها الخطى ولا الأيادي.
صلّ صلاة حظ أرملة واندب أرض الثوار المقفرة،
ففي القدس جميعنا  حُفاة بلا أملاك أو أرصدة،أيدينا مقيّدة بسلاسل حديدية نردّدُ تسابيح الإنسانية . وإن توّهمتم وتوهمنا غير هذا
فبين هذا وذاك تسافر الأمنيات بجناح الصلاة والوعد تارة وتحبو فوق الجدار تارة أخرى.
أيها السور المشرقُ في نفوس من أدركوا  فيك الاحتماء،أيها السور الذي لا ينام كأنما يُرممك التعبّد  والسكينة والسلام .
هذا قدركم فاسعدوا  به وذاك قدرنا المختلف  فلا تسخطوا علينا إن لم ندرك فرَحَكم وبقينا في مأتمنا ،،قد حان وقت القدس في أرواحنا ،فصلّوا على هديل الحمام
،صلّوا فإن للصلاة شآبيباً تغسل حزن الأسوار.

سلامٌ إليكم من القدس سلامَ المطمئنين
سلامٌ عليكم،على الواقفين،من الساجدين
سلام عليكم وجعًا غير مألوفٍ،سلامًا يدقُّ  صبرًا كبيرًا لا يحمله غير جيرانِها النازفين بنزفها المتأوّهين لوجعها وأنّاتِها
فتذكّروا
(كلّما نادى المنادي حي على الصلاة حي على الصلاة )
كاد يسقط الثمر. أو كادَ يجهش القمر هناك

فتذكروا أنها الأولى .... أوّل العروج  وأوّل القيامة فقُم ما ثمّ وقت للقعود والخنوع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق