السبت، 19 مايو 2012

قدّيسي!!!



قديسي المنتصب بقامته عاليا متسنّما مكانته لدي مثل سحابة تسنّمت قمم الجبال،زرّر أكمال الذكرى علقها على مشجب في سكون الصمت الجنوني ورحل.
تصل إلى مسامعي موسيقى آتية من شرفات البحر البعيدة مرافقة صوته" أين أنت يا دفئ حيفا..مؤلم هو الشوق أكثر مما كنت أتصور..كأني أتوق إلى ضمك ...تأخر ردك و آمل أن تكوني بخير ."

هبط الغسق سريعا،فهرعت الذكريات إلى مآويها قبل أن ينتشر عطره في ظلام الليل ليزداد الليل وحشة فتضمر الأحلام منها خوفا.
ظلّ الخوف يكمم أفواه اشتهائنا إلى حين لم يعد بمقدورنا السيطرة عليه،وها هي تفتح من تلقاء نفسها تبلل بريقها لحى الصباحات الدافئة،وها صار حجم الصراع بيننا أضخم وأكبر، حين لا تعانق يديه شيئا كما تعانق عينيه المسافة بيننا،يتهامسن دقيقة دقيقتين،يسكبن العطر فوق الجرح ويعُدن هاربات إلى عمق الوجه خوفا من احتراق.


كم مرة عليّ أن أرسل إليك بطاقات الدعوة المنمّقة .
هكذا أرغب فيك أن تكون،بكامل نزعتك الرجولية بجودة عالية،تماما مثل لفافة تبغ فاخرة يرافقك عطرك كما ترافق نكهة الهال قهوة صباحية رافقت لفافة تّبغ،نعم هكذا أشتهيك أكثر حين أرى اشتهاء النساء لك ينفجّر من عيونهن وتكاد كل واحدة منهن تقطّع أصابعها،تبا لهنّ إن لم يفعلن،وتبا لك إن لم تقترف غواية النظر لتؤول كل الوقائع ضد امتناعي.
مثل درّاقة أينعت،قضمة واحدة كافية لتفجّر ينابيع عسل الجليل كله على لساني.
هنالك قُبل تطبع وقُبل تحفر،وقُبل تنحت،وحده فنّ النحت من يستحق أن نهبه الشفاه هدية جزيةً بما صنع.

نجتاز أفنية الطرقات بخطى متأهبة في جو مهيب،نعبر الوحدة تلو الوحدة نلوك الساعات الهاربة نحو العدم،والوعد قصم عقْرَبَ الدقيقة الشاردة.
 تنبجس  الأشباح من الضباب  فجأة وتغيب فيه،فأوقِد لي قنديل البحر أنيسا يؤسس ويؤنس طاولة انتظاري قبالة شاطئ جحظ العينين وفغر فاه،طال وقوفي يا عمر،أيها الصدى شقّ أسماعي أستقبل منه همس الأطفال الصغار،
مدلّلي انهض،انهض أيها الغجري،باعد ذراعيك وخذني إليك أخذة رابية زاخرة بمطر هادئ ،اصعد بي تارة وأهبط أخرى،أثقلني بظلالك التصق بي التصاق الجليد بالصخر وأترك مساحة للضوء، للضوء فقط.
هأنذا ..هأنذا أفعل.....هأنذا أفعل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق