الأحد، 1 مايو 2011

ديني دينٌ سامٍ !









تائهة يا خلق الله ، ديني دينٌ سامٍ، مَرّ أو مرّتْ فوق تراب بلادنا قبل عصور ، أقام أو أقامت في الشرق مرة و مرة في الجنوب ، و مرة هاجرت إلى الشمال ، و حين جاء دور الغرب أقام بين الثلاثي راقولا (1 ) تصعد به و تهبط ، و ما بين فمي و كَسرَةِ الخبز أفواه يستكين على حواف شفاهها الشُّقاق (2)، و ينضج الجوع نضوج التّمر فيتساقط سعفا نحو الشرق ، هل جربت الجوع المخمور ؟ حتى جوع الشرق تميز ،
رَتِّلْ معي ترتيلا و أمترِ بالقول و أجعل من قولك كــ المِرْوة (3) إذا احتَكَت بالسَمْعِ أشعلته نارا و اسْتَغْلظ بالقول : ( فأمّا اليَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9)) . ( قرآن )
هناك على مقرُبة من اللوعة كثيراً ما يُدَقُ الطبل ، كي أُذكّر أنّ قلبي حجر ، و كأنه حفرة عميقة مدورة ،
فيه تجاويف ملأَى بأشياء غير قابلة للتحليل ، بعض اليمامات اتخذت منها أعشاشا لها تهاجر منها إليها كلما مرّ يُتم مُرْجَحنٌّ (5) باسطا ذراعيه على المدى ،
كثيراً ما يُدَقُ الطبل فتتلوى الخاصرة من كثرة الحصى في الكلى أو في الرّحم سيّان ، صراخ و عويل ، غربة ، وقلوب ميتة ، ضمائر غائبة و أمة في (برواز ) محاصرة من الزوايا الأربعة ، يستطيل البرواز و يتربع ، يتربع و يستطيل لا فرق حين يتمدد الجرح و يمتد و يصير النزف نهراً طويلاً يصل الشرق بالغرب و الشمال بالجنوب ، كــالحبل الموصول من الوريد إلى الوريد و تسقى الأرض ، فتبلغ التربة أقصى حدود الإرتواء ،
محراث الصبر بيد طفلة تمارس الحرث على قلوب ممارِث العرب و عجوز طاعنٌ بالسّن تُكسِّر الصخر بمنديل على أبواب مؤسسات الرِّفق بالعجز ، و دموع صبية كما رُضابُ النّدى المالح تَقاطرت أخاديد على صفحات الوجه البائس تُعلّلُ النفس أن مازال في العمر بقية باقية لتمارس أنوثتها المخنوقة و ثلم الوجه وصّدْع في صدر الفِكرِ عقيم و هي الآن تجري أكبر مناورة في تاريخها بين الإصلاح و إعادة  تكوين ، و تُكَفكِف عن اليتيم و تقتلع شرور الأذى في عالم أصيب بالاضطراب و الهلوسة يهذي بامتداد و استمرار كـالبعوض يطنطن في الخلف و يردد بلا ملل أو كلل كصوتٍ يأتي من القاع : ( أنا لغة أخرى ) ،
إن المرء ليحتار أمام ممالك الصمت المرعبة و جنون الخوف ، أيها العربي إذا الموت عَسعَسَ في الفراش و جاء يغتاس (4) عليك أن تختار و ليكن خيارك أن تمضيَ راغبا لا مكرها ، حيث تنام و تضطجع على مقربة منك الأنوار تنام متوسدا طمأنينة مستوطنا قلوب الملايين ،
في ليالي الفَقْدْ تتراقص وراء الستار خلف الايقاع أنثى من صخر ( فاطمة) و الجوع المتربص بها فغر فاه و كاد يبتلعها و الرقصات ، و اللحن المنهوب و مذاق التوت و العنب ، و اختلف شكل الدّراق و بَدَّلَ لونه الربيع بالأحمر القاني ،
أمة دخرت و طفل ( الحارة ، الحجارة ، الحرب ) يتناسل في أحشاء الشوارع منهمكاً باليتم سائراً في طريق الحتف على نهج الضياع تستقبله العتمة لا يَسْكَّفُ (6) لأحد بابا ليس لأنه لم يشأ بل لأن الأبواب جميعها استغلقت و تضاءل حتى كاد لا يرى ،

يا أمة مُنْتهِشة يا أمة الأيتام يا أولياء الأمور أيها الأوصياء لما كل المعاناة في أوطاننا مضاعفة . لمَ التشرّد مضاعف لمَ الجوع أضعاف ؟



(وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11 }
( الضحى ( 





1- الرَّاقول: حَبْل يُصْعدُ به النخل .
2- الشُّقاق : داء يكون بالدواب وهو يُشَقِّق الحوافر و قد يصل إلى الصدوع .
3- المَرْوة : القدَّاحات التي يخرج منها النار.
4- الإغتِساس : الطلب او الإكتساب .
5- مُرْجَحِنٌّ: ثقيل واسع.
6- لا يَسْكَّفُ : يطأ عتبة الباب 




قراءة مرمر القاسم
الوحة يتيم الحرب للأستاذ مصطفى رمضان حسين 




هناك تعليقان (2):

  1. هي كلمات كاللؤلؤ يا مرمر
    ما أصعب موت القلوب
    وما أشقاها تلك اللحظات
    ............................
    جميل هو المكان
    دمت بخير
    ودامت فلسطين هاجس كل نبض به بعض حياة
    شرف لي أن أزور هذا المكان

    ردحذف
  2. مرحبا بالأستاذ علي الطيب نورت الحيّ و كل أروقته صارت أجمل

    شكرا

    ردحذف