الأحد، 15 يونيو 2014

دهاء



أعتقدت لفترة طويلة أن الدروب تحدث حين يمرّ الموت يسحل جثة لحسناء من شعرها،وأن حصى الطريق غير الممهّد ما هي سوى أمنيات جنّيات عجزن عن تحققها فتصخّرت ،وأن ملاريا الأحلام بوغيات تنتشر في المنام عن طريق لدغة بعوضة مصابة بعدوى السهر،وأن الحب حمّى تفتك بالمصابين بفقر الدّم ونقص حاد في الضّم.

ماذا لو لم تكن في حياتي ولم تكن هنالك حاجة في انتظارك،كيف كنت سأنفق أوقاتي وبماذا أبدّد الضّجر وأطرد الساحرات من على غصن النّعاس،مع من أشرب قهوة الصباح والمساء،من يرافقني للسينما لنقضي بعض الوقت في السير بين أزقة وطرقات المدينة العتيقة،

أظن أن الظلام كائنات تحتفظ بأسرارنا،والموسيقى ساحرات خبيثات يبتسمن في وجوهنا بشماتة ووقار كلّما كسرَ العمر عصا سنة فوق رؤوس مخرّبي الأوقات،

اللّعنة عليك،واعدني في فندق رخيص،لا بأس بذلك فقيمة الأماكن من قدر ساكنيها وليس العكس،تعال وأترك كلّ الأشياء مفتوحة لنطبخ حجارة الطريق وجبة عشاء نطعمها للأمس،الأمس الذي شرّدنا،وبعثرنا،ولعب بنا لعبة الشيطان والمعصية، تعال نلقمه حجرًا ونرميه بحجر،

نسيت أن أخبرك بمدى سعادتي وأمي تتذاكى عليّ،اليوم مثلًا بدأت تعد طبخة فلسطينيّة لذيذة لكنها شتائية على الأغلب،وتعدها بكمية تكفي لعشرة أشخاص على الأقل،فسألتها لمن تطبخين ؟
-لنا.
-أليست الكمية كبيرة.؟
-لأ، كلهم تسع ترغفه.
قلت في عقلي لابد أن وراء طبخة أمي اليوم طبخة أعظم،ولكنني صمتُّ عن البقية كي تشعر أنها نالت مني هذه المرة،كنوع من البِرّ.

المهم ،موسيقى التشيللو مازالت هي سيّدة أوقاتي،قهوتي وسجائري ورائحة البصل المقلي تفسد عليّ التركيز،أحاول إنجاز عملٍ مسرحيّ أريد له أن يكون الأفضل،لكن رائحة الدجاج المغلي تسببت في تعرّق كلماتي بزناخة.

أمي محترمة وخجولة جدًا،لا تتفوّه بمفردات"بذيئة"،تلومني كلّما شتمت أحدهم بدهاء ولعنت شرفه أو هتكت عرضه بالكلمات،ومع ذلك ورغم توبيخها أجد متعة عظيمة في تفريغ طاقات الغضب عن طريق الشتائم،

يلعن شرفك حبيبي صار لابد أن نقول لبعضنا حين التوادع بدلًا من كن بخير،مت بخير.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق