الاثنين، 26 نوفمبر 2012

زَمِّلْنِي





مَذَاقَها اَلدُّرّاق،


قُبْلَتَهُ،


هَبْ أَنَّ،

في مطاردة الحنين موتاً في أحضان الأبدية.َ..

هَبْ أَنَّ نلتقي.

كَاَنَتْ اَلعَربُ تَقُوْلُ لَابُدَّ لِكُلِّ كَوْكَبٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ رِيْحٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ حَرّ،
وَيُحكى أَنَّ زُمْرَة أَطْفَال عَشِقُوا اَلْحَيَاة ذَاتَ يَوْم فَلَعِبُوا،تَقَافَزُوا فَوْقَ اَلْغَيْمِ وَاَخْتَلَفُوا فِيِ ذِي اَلنَوْء مِنَ اَلنَّجْمَيْن،فَقَالَ بَعْضُهُم: هُوَ اَلطَالِعُ لِأَنَّهُ نَاَءَ بِثِقَلِ ضُلُوعِه، وَقَالَ آْخَر: هُوَ اَلنَجْمُ اَلْغَارِبُ وَهَذَا أَعْجَبُ.!

أَدْرَكَ أَنَّهُ بِهَذَا اَلصُرَاخ يُلْفِتُ اَلْأَنْظَارَ إِلَى صَوْتِه اَلْمُرْتَفِع تَمَايُلَاً ذُعْرَا،
وَقَدْ خَشَعَ جَمْعُ النَّشاز،

اَلْآَنَ تُرِيِدُوْنَ أَنْ تَصْمِتُوا دُفْعَةَ رُعْبِ.!

تَكَلَّمُوا،إِنّهُ هُدُوء مُرَادِف هَيَاجَ اِرتِيَاح.
أباح مني البعد أوجاع الآتِ،أيُّ أعماقٍ يسبرها  هذا الحبر المديد،ألا تبصر في عيني اِشتياقي وأيُّ عبرة حفيلة نستمدها من اِختلاف، وكيف لا وأنا أمتشق إليكَ الحنين أيُّ شيء سام هي تلك الأنشودة في جوف العاصفة،والغياب يخرق روحي،أيُّ شيء أشدُّ من الحضور احتفاءً بالمعنى،إنها المحبة هي مقدّمة كل الأشياء وكل ما عداها يجيء في المؤخرة.

جدّتي الجالسة الآن قبالتي تسأل باستغراب وهي ترى بأني على وشك الاِنتهاء من غزل وشاحك الرّمادي:لماذا يُصنع من شعر كلّ الأحياء خيط صوف للحياكة إلا شعر الانسان يصنع للاِنفراط.؟!

معتّر يا حظي معتّر،يا ستي اسكتي منشان الله قلبي من الحامض لاوي.
هدوء يتخلله نقرات الموت الطارق أبواب سماء البؤس وصوتهم الآتي من الرّيح،والعزف نشاز على أصوات استغاثات تموت مخنوقة تحت أنقاض الوتر الضائع في باطن الآلات الموسيقية الأكثر اِيلاماً بالسَّمع،فَتَلجَأُ الطفولة من الأبواب إلى سراديب أقباء ظلماء.

حين يتصاعد الدخان من فوّهة المدافع يُسمع شهيق القبر المفتوح على السماء وهو يَمُور بالعظام وبكتل اللحم التي سبقت صوت الموت.!

طَوْقٌ سَرَقَتْهُ اَلْأُمْنِيَات اَلْمُسَوَّدَة فِيْ صَبَاحٍ بَاك فِيْهِ لَوْعَة،
هَبْ أَنَّكَ وَهَبْتَنِي لِغِيَابِ وَجَعٍ شَهِيّْ،
وَهَبْ أَنَّنِي لَسْتُ أَمُرُّ مِنْ هُنَا.!

وفي خيلاء تعبر ذاكرة غاصة بالنزلاء،فئة منهم ذوي الذكريات الأليمة المرّة،ومنهم أصحاب مقام جذّاب وكلُّهم شركاء في المهنة متقاربون في الأذواق،ينظر أحدهم إلى الآخر في اِستحياء كأنهم لم يفارقوا قلبي،وكثير منهم لا يزال يحمل على معطفه عطري وسمات حزن مستديم،كل ذاكرة ذات شأن كثير ما تعرض لك في شوارعها أغرب السحنات التي تنتمي إلى مختلف الأزمان،حين اِنك لترى في شوراع ذاكرة أقل شأنا ذات السحنة في كل آن.

تأمل معي المشهد،ماذا لو أنك فقدت ذاكرتك الاستحضارية وبدأت من الصفر،ألا تكون كمن أُهبط إليها.؟َ

يجب علي النوم في محاولة مستميتة النوم لاِنقاذ عقلي.أصبح أو لا أصبح.
يَجِيءُ أَوْ لَا يَجِيءْ،لَا فَرْقَ عِنْدِي،طَاَلَما اَلقَلب مُنْتَهَك مُنْتهِي اَلصَلَاحِيّة وَاَلجَسَدُ مَيْتٌ غَيْثَ اِنْكسار.
عارية تماماً من كلّ النظرات،وكأني كنتُ هناك بلون فيروزي ،لولاه لظلَّ العطر يطوّقني،اِنحنيتُ أدبغ التراب بالحنين وأرصُفُ المواقد الخالية برقع مغرقة بزيت القناديل العتيقة،حاولتُ أن أزيح ذراعه وأن أفكّ أصابعه،إلا أنه ظلَّ على استغراقه يحكم قبضته،وإن اِكتفى غيري بقصر غسل لا أكتف بقصر الحب.
بلاغة،

أن أنزف أبعدَ من الدّم وفي غناء أزُفُّ إليكَ الرّوح،وفي مراوغة أراقص زوربا ويراقصني،ثم نقاتل طواحين الهواء حين نرشق بالأشواق ويتمزّق فينا الحنين.!

لا نهدأ،حتّى نحب حدّ التشنج،وحدّ التَمزّق،لن نهدأ،حتّى نُحدِث في القلب ثقباً،فصلِ صلِ حتّى تغفو فتغفر النوافل من الأحلام،

وأرشقني وخطيئتي بالطين وبالغبار،فقد فقدت شهيتي بالتّلوين للتذّذ وما عاد الدفء همي الأكبر،وما عدتُ أخشى أن تستفيق الملائكة،وسأزيدك مغفرة وشفاعة لا مردودة.!

أن تقاوم عيناي المستسلمتان لمشهد الجبال الّتي بللها المطر وإلى التَل المترامي لون عينيك،تباً،إنه قتّال أصاب القلب في مقتل،فلا"أنت حبيبي ولا ربينا سوى"
بالأمس أصابنا مس ضرب من قهر،وهذي الوثيقة الغليظة تشدُّ أوداج عنق تذبحه بحرفية جزّار وتنحر الوقت."من يوقف اِدماني على عشقك،من يوقف سكرتي في عينيك".
معاذ الله أن أدّع أن جاء الشتاء دونك،أو أن أحتسي قهوتي دونك،
ولكنني لا أقول وداعا حتّى يأذن المطر..

بلل وجهي المطر كطفلة هاربة من الختان،وما انطفأت سيجارة الوجع كأن النار توقدها من كل حدب وصوب،وصوتك الّذي يقتات من أبهَم يستعير من فوضى الساحرات المتناقضات لعنة الجدات الطاعنات الراسخات في السحر.

نفق نبض المطر وعلى الكتفين آخر اللّمسات،قبِّلها ألف سواد ليكتمل شكل الجرح وتتمم بأصبعك المذعورة شكل الغياب.

تذكَرت،

كنتُ أغفو قبل اِنتهاء جدتي من السرد،لذا فأنا لا أعرف النهاية والمجهول يرعبني،فصرت أكره السير حتى آخر الممر.

أراجيح الشتاء هي الّتي طيّرت ذيل فستاني،وهي الّتي كشفت عن ساق وعن خطواتي المبعثرة المضجّجة باللقاءات العابرة وبالمواعيد المؤجلة،عن الرّكض وراء قطا الأحلام التي سرقت علب الحلوى وحلّقت بها في عمق الصحراء،وكشفت،عن مقتل هابيل وعن غضبة الضحية، مغدور بخطاي يا جدّة ،كُشف عن ساق فكيف لو كشف عن الأخرى.!

إنّها تُمطر،إنّها مُسكِرة،فتُذكِّرني بولوج الجبال والخوف.
كيف تمكّنتَ وتنازلتَ عن كلّ ما كان بيننا ومضيتَ تجر وراءك عواء اللعنة.

وبعد...

يَغيبُ دُخان سجائِري في وجه الليل وَيُنبِتُ في أَخادِيد السَماء إرهاقاً وجوهاً بَيضاءَ فتسَاقط النَجم هَالات سَوداء رَسَمت مَزيداً مِنْ الخُطوط بِمزيدٍ مِنْ بَارودِ الرّصَاص البَارد،وَبِعفوُية شَعر غَجَرِية مَنْثُور تطيّرت الأحلام الّتِي مَا نَضَجتْ بَعْد.!

ليس في الوجود سبب منطقي يجعلني دون الناس أحبك،ولكن في الوجود أسباب بديهية لامنطقية تجعلني أتفرّد بالوجع عن سائر البشر.

يَطْرُقُ بَابِي بَعْدَ أَوَانِ اَلصَّفْعِ مَسَافَةَ اِنْدِثَار،
يسْدِلُ سِتَارَاً مِنْ دُخَانِ حَزْن أَدْمَنَتْ فِيهِ الرُّوح
اَلْمُطْمَئِنِّ مِنَ اَلْوَجَعِ إِلَى اَلدّمْعِ اَلسَّاجِدِ فِي مَعْبَدِ اَلذُّنُوْبِ اَلْخَرْسَاء
يَمْتَشِقُ حُنَيْنَ اَلرَّجُوعْ،!

متى يَنتهي قبح الصور وينتهي الوجوم من وجهي متى يفتق خَرسي لِيَرتَدَّ إِلَيَّ،
لا تعنيني ذاكرتكم وبما أُثقِلَت،المهم عندي أن ذاكرتي لا تمحو إلا الفاسد من الذكريات،
وما هَمَّني أن يخبو الموقد أو يشتعل به خشب القلوب.

زَمِّلْنِي فِي طُقُوسِ مُواراة اعجاز مَتَى وَهَبْتَنِي فَرصَة لَهْفَة أَقُدُّ قَمِيْصَ اِشتِهَائِي،

قَبْلَ أَنْ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق