الأربعاء، 1 فبراير 2012

مواسم!


مواسم !   




زائر الدنيا في القلب مقيم ، يضمر  لي حبا و ما درى في أعماقي أضمر له  قبرا.
هذا المتحرّش وشى بي إلى الشوق نكاية بالعجز و بالمسافات ، فأرسل هذا الأخير عطر الأول يقتفي أثري ،ظنه أنني لستُ على دراية بأمره ، فأزمعتُ عليه  إذا ما مات فيه الجسد ظل عطره  يختلس من الصواب حتى أتى على كله ، لا هو أضعف يقيني ولا هو أبطله.


 يا صاح ، مارس الاحتراق دون أن تُشعر بك أحدا ، و نم ساعة راحة تلقيها لي رحمة من ذلك الحيّز المكتظ  بالعابرات في قلبك، و لا تخشَ معاركي فكل ضحاياها ذاكرة، وإن أنا اختلست من الطمأنينة أنقض مضجع الروح فلا نوم  لك ولا راح .
فلا تدّعي النضج فمثلك في الجهل مثلي، إلا أنك قبيح و أنا حمقاء ،قد تعدّدت الأغراض، فمنهم من خصّص للهجر أفكاره و منهم من خصّصها موشــّحة لزمان الوصل الآتي ، و عند الكرى تنام عند ركبتيه بثيابها الرّثة و ما علمت أنه الفقير إلى لغة العطف .


 يا صاحبي لا أجيد نسيان المآرب التي حكى لي عنها قلبك ، نعم أود لو أنني كنتُ امرأة عادية وبسيطة جداً ، إلا أن تعاقب الخذلان  أجبرني على التعنت و العناد كي أترك وحيدة  كعصف جزّ قبل موعده ، فلا يشاء الاقتراب أحدا  ولا أنا أنبت الأغصان بدون جذع.

يا أنتَ حتى وسامتك ذهبت أدراج الرياح ، لم يبق من الماضي إلا أنت و نفل قديم.  

ضع آلامك في كأس و أدعُ الموت أن يأتيك في هذا البرد القارس، ففي العالم المجنون لا يوجد من يرحم ، ولا ترى أملا  في العيش بتعقل  ،فإما أن تُجنّ كي تحيا  و إما أن  تموت كي تحلم.

تحت رشات المطر   مدانٌ أنت أيها المقيم و أروع  ما فيك أنك مازلت تجد ما تؤمن به وسط كل ذلك تزاحم الجراح ، أجمل ما فيك أنك رغم كل شيء مازلت تحتفظ بدمك .

يا صاحبي الحائر كم روحا تملك كي  تبقي التفاصيل بداخلك  إنه ضرب من الجور ، فقاوم إن بقيت فيك روح مقاومة ،  لكنك مدانٌ  و المدان بريء حتى يثبت براءته.

 و تذكر نحن معشر السنابل  لا نشتهي رجلا تستهلكه العابرات و لسنا نغار من تعاقبهن على بقاياه ، فليس يأكل من كل وعاء  إلا من فقد  فمه المذاق و مازال الطعم في فمي.

أشعل سيجارة نخب القرار و أملأ الفناجين ، قبل أن  يزداد تصفيقهم في رأسي ، كم رغبت في انتزاع هذا الرأس من مكانه  وأن ألقيه في غياهب الأرض .

للقمح  يا صاح موسم  واحد، إن فاتك كانون  لن يكون لك موسم حصاد، و أنا مثل القمح لي موسم واحد ، لا يجيء حزيران  و ليس من زرع يؤتى أكله إن فاتك كانوني.    

تذكر ما أقوله لك جيداً  : عندما نفترق و ندفن في القبر ، لا نحن نبقى ولا الخطيئة تُذكر. إنما يبقى الأثر فأنظر أين تدوس بقدمك و على من، و أحذر أن تدوسَكَ بقدميك، و  كلما استبان لك القبيح عظم جمالك فقط تذكر .

هناك تعليق واحد:

  1. أحيانا نتذكر
    إنسانا عزيزا إذا تدفقت حولنا رياح عطره وبعض الناس لايغير أنواع عطره أبداً
    لأنها تحولت مع الأيام إلى جزء من شخصيته وهناك أيضا من يستخدم العطر
    كما يستخدم أي شيء فترى معه كل يوم نوعا جديدا
    فقط علينا التدقيق وحسن الاختيار
    بالتوفيق استاذة مرمر . عبد الرحمن السعدون

    ردحذف