الاثنين، 24 أكتوبر 2011

وشوشات القناديل !


وشوشات  القناديل !




هو المطر ، يغسلنا ، يطهر أرواحنا ، فيعيدنا أطفالا إلينا ، تصور .. بيتك غابة نخيل  ،  سماءك ممطرة ،
و  بدون رتوش لا تراود التربة عن الارتواء ،  كن عدلا   لا تخشى في التربة عذولا ، و أرفع بوجهك  إلى السماء ، تلقف المطر قطرة،  قطرة  حتى آخر الهَطل ...
و إني أشتاقك حتى آخر أنفاسي و أتنفسك  و يتنفسك ظل القناديل ، ففي الظلام تحت النجوم المتلألئة أو ضوء القمر في سكينة الليل ، فوق بساط الخيال تدوي عندئذ أغنيات و أحاديث متأججة و أحيانا همس لا ينتهي ، جريئة بريئة  دافقة ،  سيبقى فيها إلى الأبد و قد فاضت نفسه بجرأة مزهوة أن يسكن إلى أحضان الميم .
  في ظل شجرة الصفصاف  الوارفة كنت دائم الوقوف و تطيل ، فيستطيل المساء كالسين على إحدى ضفّتي نهر السين ، مثل قنديل معلق بفضاء حزين  ، و على الضفة الأخرى وجوه كساحة مرصوفة بالرخام  ، باردة برودة الموت موبوء هذا  الكحل الذي لا يتمدد في بؤبرة .
و تعود أسراب السنونو  لتحتضنني بعيونها كأم رؤوم كبحر شوق و ضمة حنين تعطف علي و تلزمني ،تنفس . تنفس .. مثل  حزن السين و كسل الآهات  ، تمدد فوق نهر السين و تنفس ... أتنفس .... مثل قنديل معلق بفضاء حزين .   تدفق  تدفق كما خرير النهر الغاضب و اجرف معك كل نهار مرّ من أمامي و لم أرسل إليك معه بعضا من أشواقي  ، تدفق ، تدفق ،  ليتك تقتلعني من جذوري و تجرفني مع أمواجك ،
شارع يلفّه الصمت يتلقفنا البرد   و نمضي و تتعاقب الفصول  تصير الأيام كسقالات الجسور مثبّتة على أطراف الذاكرة مشدودة ،  كلما خطونا فوقها خطوة واحدة ارتعدت  الأوصال هاج  النهر بما فيه من حمل و ذكريات جميلة ، حزينة ، قاسية ، مؤلمة ، هاج ففاض علينا بخليط لن تدرك حينها أيّ الذكريات تأتيك الآن و أيها بعد حين ،  
 نسرج من الأمنية  الميتافيزيقية سراج الليل الجبلي نهتدي بضوئه إلى سفوح الجبال .. نعبر كما راعي الأغنام بمزمار الريح  نغازل بيوت الزّعتر  ونرتاح إلى ظل شجرة البلوط و نسرف في تأمل شرفات البحر ، تطل منها سفن العائدين،تحمل الفرح و القلق و الخوف من أن لا يذّكرهم أحد ،  لهفة و شوق و قلق و يد على الصدر تقبض على قلب سارع في النبض لشعورهم  أن قلوبهم تكاد تسقط إلى أسفل ، نقف ملوحين بأيدينا و إن لم يكن هنالك من يقف يتلقف التلويح ،تركب الأفكار صهوة الريح تعانق خياله الخريفي المثقل بأوراق التوت و عبق الزيتون الفلسطيني العربي الشامي ، ينوء بالخيبة  لا مُنتَظِر لا مكان  يعود إليه إلا إليه ، أزى إلى بعضه و انقبض ، أمسك أمنية نائحة مهملة  قعد إزاءها  و استسلم العقل للشّقاوة الفاضحة الناطقة بالفتنة و الإغراء .
و تلك أشياء صغيرة حيارى  تغبِّرها  ذرّات غبار  خريفية  رطبة أضرمت الشجن في الفؤاد  لحظات، و تسترد الستائر هدوءها و يثوب الصمت إلى رشده ،  فيأتي كــالمجنون يلتصق بفضوله و الرأس لا زال يدوي من ضجيج رقّاص الساعات و همس القناديل ، يوخز السكينة بعينيه الجميلة  تطوّقني كما لو أنها أذرع ،  يسلّ الهمس  ويشتله في أذنيّ  كأني أسمع  خرير الكوثر   ، يبتعد ثلاثة أعوام  إلى الوراء يتأمل المشهد ،





قبلة على شفا انجراف الشفاه   ولا يفعل ، لا شيء يعادل شهوة الأعين  و وشوشات تستحق  أكثر من ملء الأرض  وريقات ياسمين و حفنة عمر انتظار  .......

بدون إمضاء .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق