تَفَرَّدَ كما طائر اليؤيُؤ بذيله الأسود كما الصقليّ متمردا على تاريخ وادي المعابد ، أي الأماكن تليق بمواعدة الريف ذو الحكم الذاتي .؟
كم رغبت و تمنيت أن لو كان لدي متسعا من الوقت أقيم لك فيه إمبراطورية تبدأ من أرضي المقدسة إلى حيث راق للرافدين أن يطوقا عنق كلدان و قصرا يفتح أبوابا للجنة ، كم أرغب لو أن لدي متسعا من الوقت لكنت سقتُ إليك قبائلي و وسبقتُ إليك رأس الأحمق جدي ميتا ، و لستُ معترفة أن هذا يكفي مدائن العنب ، ولكن اليوم يُشرى رأس برؤوس و تهبط أسعار الأسهم في البورصة .....
لا أزعم أني سأبلغ اليقين ذات يوم ، لذا أفتِني في صعلوك يعربد في أروقة الليل ، يأتني على هيئة حمورابي و يرحل بهيئة الدَّجال مذهول به الظلام ، تاركا لي مسوخ أحلام ،
سبق و قلنا هنالك صورا لا يمحوها العدو السريع نحو النسيان ،هنا نجد عملية فعلية لمسألة الزمان و المكان ، مثل تلك الصور العارية من التكلف تمنحك السفر عبر الزمن إلى الوراء ، و بعضها يعتقلك و يقيدك قيد حاضر يحاصرك بحيث لا تتزحزح قيد موسم الخرائط عفوا قيد أنملة ، تتربى و تترعرع في الليالي الظلماء و الحديث المرهف الرَّقيق لا يستطيع حمل الآلام الثقيلة ،مما يثبت أنك غارق في زمن مفقود أليس هذا ما وراء الحقيقة التي نخشاها .
فيمَ نخشى الآتي في زمن يعلن السرقة من أعمارنا دون حياء أو خجل ، و فيمَ نخشى الحديث و نخشى هتك سرّ الشفاه المتيبّسة ، و الصمت صار ظل المفردات كــالظلام الكثيف يَسقط فوق الحرف ويسحق سموه ،و تضيع في عمق الضباب ، فيداهمك السؤال : أين أسرفتُ عمري المفقود .؟!
هو لون لا طاقة لي به أخاف بريقه إن يَرقَّ له القلب أخاف أن يأخذني إلى لذغات النحل ، لتنتبه العابرة إلى صعلكاتي ، أموت تمام الحريق بقلبي تفاجئني الابتهالات و تعربد على بقاياي ، لا قدرة لي على الرحيل منك إليك ، و أهرب من نفسي إلى حتفي بين يديك ، ألم يكن جسدي مسرحا و عليه عُلِّقت مشنقة، أليست أحلامي مقصلة ،؟
ما الفرق حين يكون البحث حول ماهية إثبات الأثير و تحديد الحدود التي تحده ..؟! هجّرونا صغارا كــكومة لحم ألقوها إلى أفواه الكلاب الجائعة ، أُكل ما أُكل منا و ما تبقى من القصعة لا يشبع حتى قطة مشرَّدة ، ما الفرق حين أقول فلسطينية من حيفا أو فلسطينية من تلّ الزّعتر ... ما الفرق حين أقول عراقيا من ( الفلوجة) أو عراقيا من ( السويد ) كلها سواء هجرة عن التراب و هجرة عن الذات ، ليست واحدة تؤلم أكثر من الأخرى ، لكن جمعها في النَكيب اكتمال للألم ؟
فنصبح في الوقت نفسه متيقنين من أن كل حقيقة واقعية ليست شيئا آخر مغايرا له ،
عدني أن أنام في أحضان الغابات ملء الجفون ، أرغب في النوم على امتداد الليل ، يا حرقة السكّر العالقة في سقف الحلق من بقايا مذاق الخروب المتخم بك ، ربما و هكذا فقط أقتلني بك حبا ، و أجعلن بيني و بينك وسطاء روحيين يزعمون أن بإمكانهم أن يلبسوني رداء الجلاء البصري رغم موتي ، و أن أدور حول هالتك سبعا نورانية متداخلة فيما بينها مثل خيوط الشمس الدقيقة جدا بالكاد تلحظها ، بالكاد تتحسسها ، بالكاد ما أن تدور حولك حتى تفقدها كأن لا تدركها،
يا رجلا يشعل بقلبي ثورة ، أريد أن آتيك مكبلة بأغلال السحرة خذ بعضا من دمي تذوقه برأس لسانك ثم قل لي : ألم يقل الشعراء أن المسك بعض من دم الغزال .!
أيها الأقرب من أتون التيه إليّ ، كــرجّاسٍ يجرفني و ما عليّ ،تصبح على مرثيّة الرَّحيق عند تلّ البكاء على بقايا لغة الأولياء .....
و تصبحين متفرِّدٌ العالم أجمع عن كلِّك يشبه كله بعضه و لا تشبهين غير نفسك.
ردحذف