الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

تَفَرَّد !




تَفَرَّدَ كما طائر اليؤيُؤ بذيله الأسود كما  الصقليّ متمردا على تاريخ وادي المعابد ، أي الأماكن تليق بمواعدة  الريف ذو  الحكم الذاتي .؟


كم رغبت  و تمنيت أن لو كان لدي متسعا من الوقت أقيم  لك فيه  إمبراطورية  تبدأ من أرضي المقدسة إلى حيث راق للرافدين أن يطوقا عنق كلدان و قصرا يفتح أبوابا للجنة ، كم أرغب لو أن لدي متسعا من الوقت لكنت سقتُ إليك قبائلي و وسبقتُ  إليك  رأس الأحمق جدي ميتا ، و لستُ معترفة أن هذا يكفي مدائن العنب ،  ولكن اليوم يُشرى  رأس برؤوس و تهبط أسعار الأسهم في البورصة  .....


لا أزعم أني سأبلغ  اليقين ذات يوم ، لذا  أفتِني في صعلوك يعربد في أروقة الليل ، يأتني على هيئة حمورابي و يرحل بهيئة الدَّجال مذهول به الظلام ،  تاركا لي مسوخ أحلام ،


سبق و قلنا هنالك صورا  لا يمحوها  العدو  السريع نحو النسيان ،هنا نجد  عملية فعلية لمسألة الزمان و المكان ، مثل تلك الصور  العارية من التكلف تمنحك السفر عبر الزمن إلى الوراء ، و بعضها يعتقلك و يقيدك قيد حاضر يحاصرك بحيث لا تتزحزح قيد موسم الخرائط عفوا  قيد أنملة ، تتربى و تترعرع  في الليالي الظلماء و الحديث المرهف  الرَّقيق لا يستطيع حمل الآلام الثقيلة ،مما يثبت أنك غارق في زمن مفقود  أليس هذا ما وراء الحقيقة التي نخشاها .


فيمَ  نخشى الآتي  في زمن يعلن السرقة  من أعمارنا  دون حياء أو خجل ، و فيمَ نخشى الحديث و نخشى هتك سرّ الشفاه المتيبّسة  ، و الصمت صار ظل المفردات  كــالظلام الكثيف يَسقط فوق الحرف ويسحق سموه ،و تضيع في عمق الضباب ،  فيداهمك السؤال : أين أسرفتُ عمري المفقود .؟!


هو لون لا طاقة لي به أخاف بريقه إن يَرقَّ له القلب  أخاف أن يأخذني إلى لذغات النحل ، لتنتبه العابرة إلى صعلكاتي ، أموت تمام الحريق بقلبي  تفاجئني الابتهالات و تعربد على بقاياي  ، لا قدرة لي على الرحيل منك إليك ، و أهرب من نفسي إلى حتفي بين يديك ،  ألم يكن جسدي مسرحا و عليه عُلِّقت مشنقة،  أليست أحلامي مقصلة ،؟


ما الفرق حين يكون البحث حول ماهية إثبات الأثير و تحديد الحدود التي تحده  ..؟! هجّرونا صغارا كــكومة لحم ألقوها إلى أفواه الكلاب الجائعة ، أُكل ما أُكل منا و ما تبقى من القصعة لا يشبع حتى قطة مشرَّدة ، ما الفرق حين أقول فلسطينية من حيفا أو فلسطينية من تلّ الزّعتر ... ما الفرق حين أقول عراقيا  من  ( الفلوجة)  أو عراقيا  من ( السويد ) كلها سواء هجرة عن التراب و هجرة عن الذات ، ليست واحدة تؤلم أكثر من الأخرى ، لكن  جمعها في النَكيب  اكتمال للألم ؟ 
 فنصبح في الوقت نفسه متيقنين  من أن كل حقيقة واقعية ليست شيئا آخر مغايرا له ،


عدني أن أنام في أحضان الغابات ملء الجفون ، أرغب في  النوم على امتداد الليل ، يا حرقة السكّر العالقة في سقف الحلق من بقايا مذاق  الخروب المتخم بك ، ربما و هكذا فقط أقتلني  بك حبا ، و أجعلن  بيني و بينك وسطاء روحيين يزعمون أن بإمكانهم أن يلبسوني رداء الجلاء البصري رغم موتي ، و أن أدور حول هالتك سبعا  نورانية متداخلة فيما بينها مثل خيوط الشمس الدقيقة جدا بالكاد تلحظها ، بالكاد تتحسسها ، بالكاد ما أن تدور حولك حتى تفقدها كأن لا تدركها،


يا رجلا يشعل بقلبي ثورة ، أريد أن آتيك مكبلة بأغلال السحرة خذ بعضا من دمي تذوقه برأس لسانك ثم قل لي : ألم يقل الشعراء أن المسك بعض من دم الغزال .!


أيها الأقرب من أتون التيه إليّ ، كــرجّاسٍ يجرفني و ما عليّ ،تصبح على مرثيّة الرَّحيق عند تلّ البكاء على بقايا لغة الأولياء   ..... 


هناك تعليق واحد:

  1. و تصبحين متفرِّدٌ العالم أجمع عن كلِّك يشبه كله بعضه و لا تشبهين غير نفسك.

    ردحذف