قبل الدخول في الإضاءات حول الرواية أود أن
أعلم القارئ أن النسخة الّتي حصلت عليها من رواية "رسل السلام"هي نسخة
الكترونية قديمة وأظنها نسخة لم تخضع للتدقيق والتحرير.
وجريًا على العادة الّتي يتبعها المؤلفون
لإظهار نظرية ما،يسلطون الضوء من خلالها
الفكرة الّتي يسعون لإيصالها من خلال ما يكتبون،كذلك الحال في بعض
الروايات العربية،غير أن المواقف وحدها هي الّتي من شأنها أن تنوب عن الكاتبة في
هذا الدور وفي هذه الرواية الضّيقة تحديدًا،
والّتي تدور حول ثلاث شخصيات رئيسية :
-
حسنين شخصية
المفاجأة.
-
فهمي
الشخصية المتقوقعة وغير متوقعة.
-
عامر
الشخصية الاجتماعية بشفافية فاضحة.
وكان الاعتراف سيِّد الأدلة، ولا مفرَّ أمام القرّاء وهم الأذكياء،كان الأجدر تبييت
نيَّة التلاعب في صوغ العنوان "رسل
السلام"فلم يكن هنالك من داع لمفردة "التطبيع" الّتي جاءت زيادة
على نص الحوار فاضحة خباياه عند الصفحة 3.
حيث تبدأ حيثيات الرواية بثلاثة رفاق
يغادرون بلادهم إلى بلد آخر،ثلاثتهم يقيمون معًا في بيت واحد،والثلاثة غرباء عن
بعضهم البعض،غرباء في كلّ شيء،أرسلوا إلى بلد واحد للوصول إلى هدف واحد،وبرغم ذلك
بقوا غرباء.
ففي الغالب الأعم و المتبع استخدام أسلوب "الحكي" في النص الروائي،غير أنه
وفي رواية رسل السلام مارس نوعًا آخر من الخطاب،فكان مثل مخرجي الأفلام والمسلسلات،
يملي على الشخصية ما تقوله وما تفعله.وخصوصا شخصية الشاب "فهمي"
المتقوقع داخل عباءة "الكلمات الّتي تعلّمها" ورأسه المحشو بأفكار لا
أول لها ولا آخر.
تشابهت الشخصيات في الفصول حين كانت الشخصية
تروي الحدث فكان من الصعب التعرف إلى الشخصية دون ذكرت أسماء بقية الرفاق مما
يدعونا إلى الاعتقاد أن الكاتب كان يعاني
حالاً من الاضطراب نتاج استغراقه
في قلق الموقف فانعكس ذلك عليه ولم ينعكس على الحدث كما هو من المفترض حدوثه لينعكس
بالتالي على شكل الرواية.
ومن منظور يحتمل وجه الصواب كما أنه لو تمت إعادة صياغة العديد من جملها أو حتّى
كتابتها وصهرها في قالب روائي مدروس ستلاقي رواجاً واسعًا على المستوى العربي على
الأقل. وخصوصًا أن الراوي اجتهد في العناية بجماليات الحياة عبر عناصرها التي تشكل
نسيجًا يوميًا في الفضاء اليومي الاجتماعي.
مجمل
أحداث الرواية دارت في حيفا فلسطين ومصر لكنها أحداث شبه باهتة تفتقر إلى التشويق،برغم
محاولات الكاتب توسيع وإثراء شهية القارئ
من خلال محيط دلالاته، مُتجاوزًا الحدود الضيقة للدلالة اللغوية، ومُحلِّقًا في
آفاق وإيحاءات جديدة تشكّلت أثر الجلد الدائم لكنه وقع في فخ فكرة حالكة الظلمة
فمكث فيها.
فالفكرة المطروحة فكرة تستوجب طرحها بشكل أكبر على الساحة الفكرية
وليست مجرد فكرة عادية تسترعي الطرح ومراعاة
خصوصياتها ،حيث لم يتمكن الكاتب من
الانعتاق من قيد المكان ومحدداته،وكما يبدو لي ولمن يعرف حيفا جيدًا أن الكاتب
حاول رسم صور اعتمد في رسمها على
الخيال،محاولة لم تكن موفقة،في حين جدّ الكاتب في رحلة البحث عن الذات الّتي طالت في
شخصية"فهمي" إثر ملامسته لظروف حياته اليومية واحتياجاته الّتي من شأنها
أن تعيده إليه في البعد الإنساني.
تنتهي الرواية بمفاجأة صاعقة غير
متوقعة،وربما كانت هذه المفاجأة أكثر إبداعًا من الرواية برمّتها.
وفي النهاية يحضرني سؤال إلى الكاتب هو:إن
كانوا يعلمون سبب إرسالهم إلى فلسطين"إسرائيل"وأن الهدف الذي بعثوا من
أجله مرفوض من قبلهم،فلم قبلوا بالسفر منذ البدء.؟!
كلمة إلى القارئ :المبادئ والقيم وحدهما
تضمنان لنا النجاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق