الخميس، 23 مايو 2013

قراءة في نماذج شعرية للأديب العربي العراقي محفوظ فرج





يقدم لنا الأديب محفوظ فرج سِيَرًا ذاتية للأمكنة يحيي من خلالها تاريخ المكان،كما يحيي مفردات وصفات وأسماء كادت تندثر تحت ركام الرّكاكة العصرية.
لا مشكلة في التطور ومواكبة التحضر لخلق بيئة أكثر ملائمة مع احتياجات الإنسان،ولكن تسمية الأشياء بأسمائها الأولى فعل إنساني بالدّرجة الأولى كونه يحافظ على طراوة ذواكرنا،عكس ما يفعله الفرد اليوم بحيث جعلوا من الذاكرة الأخرى عجائز دون قيمة تاريخية أدبية.
لذا نجد أن أجمل ما في نصوص الكاتب أولًا ،أنه لا يحاول التّخلص من ذاكرته باستخدام مفردات عصرية مهترئة،ولا يسمح لانعكاسات عصر السرعة التأثير على النص،ثانيًا استحضاره الكامل للتاريخ والحضارة ولغة الأجداد إن جاز لي وصفها،"بلغة الأجداد"مما يجعل من لغته أسطورة يخرج منها عن المعتاد مقاومًا عملية غسل الدماغ.
إن من يقرأ نصوص الأديب محفوظ فرج يدرك تمامًا ما أفرزته حياته أسيرة البيئة التاريخية والأحداث السياسية المتراكمة حيث تركت آثارها العميقة في قعر محبرته،بالمرتكزات مبدئية أخلاقية،أضف إلى ذلك تميزه بأسلوب عذب يلف النص بطابع الغزل المسموح به في حدود لا تخدش حياء القارئ وتضعه على موعد مع أناقة اللغة.
من نص "صوتك"
ترَقرَقُ عيناه إلى الماء
 أغفل كل موانئ دجلة
 إلاّ مرفئ عينيك
اختار العديد من الشعراء المعاصرين الجلوس على تل ومنحوا أنفسهم صلاحيات واسعة في تقديم"الجنس الأدبي وتقنياته"على الحدث لكي يخلّصوا أنفسهم من مواجهة مع التاريخ والقارئ،ونحن لا نعرف مسؤولية كل منا داخل النص،لكننا نعرف تمام المعرفة مسؤولية الكاتب داخل النص،كما ينبغي لنا  أن التعرف إلى   ضمائر الشخوص والأمكنة والمسترد منها بضمير الكاتب،وهي عملية  تتطلب الصبر لعبور وحشة الطريق في بناء البيت الشعري ذي الخصوصية التاريخية فيخرج الكاتب عن جنس القصيدة متوجهًا نحو ملحمة باستخدامه تماهي الزمن والمسافة بين المكان ودلالاته الرمزية.
من نص "ضيعتنا" محلتي بعد الاحتلال
 وراء السور
 نجلس ننحب تنحب
 أنا ورفيقة عمري اللفظة
 حتى لفظتها دبابات المارينز
 يا لضياعي لو أن لنا
 كرّة يوم وتعود لنا ساعات
ألمح فيها بعباءتها
 ذات الوجه النوراني
 تُقلّب قلبي في نارين
 وأُصلى في بسمتها
 الله الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق