الأحد، 3 أغسطس 2014

حارس الموت!

وأنا أشرب قهوتي وأدخّن سجائري أستطيع تخيّل يد امرأة مرتجفة من غزّة وهي تنشر منديلها فوق سلك ناتئ من بين الرّكام،توزّع نظراتها برعب على بقايا الحيطان،
كذلك أرى ذاك الطّفل المنبثق من تحت الخراب بيده قلم رصاص وورقة رسم فيها أرجوحة مقطوعة الخيطان،يركض نحو الشاطئ وقبل أن يصل استدارت الأرض ،غيّرت مكانه فبدا كالهارب من البحر،
 أستطيع تخيّل رجل خائف يحاول  الخروج من تحت الرّكام كي يتلقى عنهما الرّصاص ترفض سيقانه المبتورة العودة إلى خاصرته فتحول بينه وبين البطولة،
أستطيع تخيّل عاشقة لم تمهلها الصواريخ أن تلملم رسائل حبيبها فردم الدّمار ذاكرتها وتركها بين خوفين،خوف الموت وخوف أن يعثر المنقّبون عن الجثث  دون قصد على جثّة حبيبها مسجّاة في رسائلها.
وعندما أصل إلى الفنجان العاشر والسيجارة المليون،أتخيّل عجوزًا  يخاتل النّعاس ويخادع عقاله المائل فوق الحاجب في الشارع العام،يدفعني برفق إلى الوراء وصوت دويّ  لا يتوقف،"بُم ،بُم،بُم  قنبلة،قذيفة،مواد متفجّرة صاروخ،يتدحرج النوم الناضج ليلًا وكومة من المعذّبين والرّصاص الذي عبر بيننا بسلام،ثمّ يأتي الإنهيار متقنّعًا كفيلم  سينمائي يحصد أرواح الناجين وينجو الصراخ،
إذا شعرت بالجوع فقط،وقتئذ، أتخيّل حارس الموت في بلادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق