الخميس، 9 يناير 2014

رسائل




إليه،
كفَّ عطركَ عني،وإلا لن تعصمك كلّ المسافات مني،
إليكم،
أخرسوا هذا الضجيج،أوقفوا العويل،أريد أن أتلذّذَ بنبيذي وبقايا لمساته،
أنت،
دونكَ كلّ شيء يوجعني،وأعلم أنك إلى حتفي الأخير حتمًا ستأخذني،
إليّ،
علّمني جدّي كيف أهشّ على القهر بعصا وكيف أحقن أوردتي بالكبرياء وإن أنفت.
إلى مدلّلتي،
أعلم أني لم أوفق إلى أحلامك،لقلبك المطمئن في آخر الليل تهجّدًا،لروحك الخاشعة في الدعاء،أعتذر لأني لن أكون كما تريدين،ولن أكون أمًا، يا مدلّلــه إذا قام الرّصاص يصلّي واستقرّ أوجعه في صدري أشعلي المبخرة وغنّي،أو رتّلي ما تيسّرَ من حنّاء وزفّي آثامي ابتهالات إلى السّماء،ثم قولي عليها السلام.
عودة إلى العالم الآخر ،نلتقي أيّها الكرماء إن شاءت لنا الأقدار.محبتي لجميعكم.



نفسي الأمارة


أحيانًا أحتاج إلى من ينقذني من نفسي الأمارة بخبث،
هذه النّفس الّتي تأمرني أن أفعل كذا وأن أقول كذا،فمنذ قليل أمرتني بقتل أخي،وبعد مغالبة واشتباكات عنيفة  أدت إلى تحطيم كلّ الصحون في مطبخ أمي وإذابة كافة الشموع في جارور المدفأة،   واتلاف مخزون الشتاء من الحبوب وورق العنب،انتهت إلى هدنة تبدّلت من بعدها ملامحها وصارت أكثر ألفة،إلا أن ابتسامتها القرميديّة وشت بما تضمر،ولم يمضِ على الهدنة إلا قليل من الصّمت حتى جاءت تطالبني وتلحّ عليّ باستماتة أن أذيب السّم في الشكولاتة الّتي كنتُ على وشك إعدادها من أجلك،حتى إذا بردت وأصبحت لائقة للعق أن أضعها في فمي وأدعوك لتقبيلي،فتخيّل،كيف يكون حتفكَ في قبلتي.!!!

والآن،الآن،
تصطادني بشباكها ،تفترض أنني أريد الإعتراف لتحقيق مصلحتك،فعرضت عليَّ كأسًا من نيّتك،خسئت،فظنّت أني فقدتُ السيطرة عليها،ما كنتُ لأعترف بأقل من زجاجة.
هل ترى.؟
أن أشرح لك السبب الذي يحدوني إلى تركك تمضي،أن قدرتك على الجلافة مدهشة،يكفيني أن أضعك أمام ضميرك.
عندما تغادر لملم الطريق وخذها معك.



والآن
تُذكِّرُني ،عندما كنا صغارًا لقّنونا الأشياء باسلوب الخطأ والعقاب،
لاحقًا أدركنا وبعد أن تكاثر دود الخطأ في رؤوسنا أن العقاب هو بحد ذاته أن تخطئ،وان الإله أبدًا لم يتّخذ لنفسه صفة الجلّاد.!
ربّما ضمنتني،لكنك لم تملكني.!

وتستمر الهدنة!!!



السبت، 4 يناير 2014

تلويحتان













أنتَ لا تعرف شيئًا عنا،



تلويحتان
ذاتي حين تتحطّم إلى قطع زجاجيّة صغيرة،تعكس سخف الآخر كي أرى بوضوح أكبر،لستُ مجبرة على العيش  ضمن حدود نتاج تجاربك.

تلويحة لي وأخرى لظلّك القابع في ملامح المدينة،للناي حين يجزّ عنق الصّبر ويعزف آياته الحزينة،للحب إذا ما جفّ ريقه والتصق لسانه بسقف حلق الأمنيات الوئيدات،للجدّات الواثبات عند عتبة مخبز العويل،للآباء وعصيّهم السادية يقفون كالصخر الناتئ عن الجبل،للأمهات وهنّ يعددن عشاءً فاخرًا "بالحنّية"
هل تعرفونهم.؟
أولئك الذين يختال الفرح من أسمائهم،و تتعاظم فينا الخيبة والإنكسار كلّما طرقت أبوابنا الفجيعة.

كم أحسد أولئك الذين يقدرون على قرار الرحيل وتطبيقه،نعرفهم أولئك الذين يتجلّى القهر والحزن في آن معًا حين نذكرهم.

رسلًا،
تذكرتُ،فرسان أحلامنا الذين سقطنا منهم سهوًا ذات زمن لن يعود
كيف لي أن أخبرهم،أن الخطى تشيخ في الطريق  نحوهم، ونحن هنا في العالم الآخر نعيش كلّ الأشياء دون تاريخ.!



بدي حضن وبدي دفا
وبدي نام وفيق
وما لاقي من الوجع حدا
بدي جن وما حدن عليّ يحن
بدي روح وما إرجع
وخلي كل الدني تولع
بدي غني وارقص وكلّ الدني تسمع
بدي لاعب بنت الجيران
وغازل فارس مارق عحصان
بدي أشنق عابوابك زنابق
وفرفط عسريرك ورد
وعلّق بكعبي خلخال
أي أي بدي حب
وإلبس شال مطرّز
ولف خصري بغترة مختار


كلّ مساء وأنتم بإنسانية 








ترويض الخيال في فراشات الروحاني





سواء كانت الرّواية محض انبثاقٍ عن مخيّلة الكاتب المنهمكة في دحض ضرورة وجوده تارة، و تكريس الإحتفاء بذلك تارة أخرى، أو كان أحد الموجودات الّتي تتناسل على نحو يسمح للإنسان باستعراض تفوقه الروحانيّ  بأن يبقى حلمًا و غايةً،أو كان مجرد فضاءٍ لرصد تجربة الحياة بكل ما فيها من تفاصيل تجعل الواقع حيًّا حدّ الإرباك، وسواء أكانت كل تلك المحاولات المضطربة لتفسير النّص السّريّ تلامس حقيقة ماهيته اللغز بدورها أم لا، فيبدو أن كلّ حمولة في الحياة هي حجّة للدخول أو للحديث عنه،حيث يبدو قلق الإنزلاق إلى تأريخ فترة زمنيّة في لحظة البوح  في أوجه ليصبح شرط الحكاية هو نبذ الأنا،تمامًا  كالموت.
 ومن غير المجدي  السعي وراء مفردة تفسّر صمت ما قبل الدخول إلى عوالم الرّواية، هذا الصّمت الذي يدركه أي قارئ نهم بحدسه الصاخب،وأن ثمّة أمرًا  ما سيحدث ليسمح لحواسه لاحقًا بمطاردة نفسها في اتجاه معاكس لتعليمات وظائفها الفيزيائية المستهلكة .

 و باتخاذ الواقع والتّجارب الشّخصيّة  كمادّة إبداعيّة للرواية، تبدو حتميّة ممارستها لغة و حياة  موازية للخلاص من بلادة مأساة الواقع،حيث تستشرس غريزة الكتابة في الدفاع عن سلطتها في الحياة متّخذة من الرّواية رؤيا تنافس  بطش الإدراك التقليديّ،ليس هذا سوى ملمح يجاور الاعتراف بكيمياء السّرد، تلك الّتي لا تحدث سوى بانفجار أو اشتعال وتخلّف وراءها حفرة نُساق إليها بكل هشاشتنا كالطرائد.
رواية فراشات الرّوحاني للأديب العربي العُماني محمود الرحبي الصادرة عن دار فضاءات ( عمّان- الأردن )، هي فخّ في تكتمها الأقصى عن جدواها أو تأويلها للإرتطام في قعر الحياة ومآسيها،كلعبة مثيرة تحدثُ بين أي إثنين، تنتهي بلقاء أزليّ ؟
يقدّم لنا الراوي نصائح وطرقًا علاجيّة تأديبيّة تبقى نظريات إلى أن تطبّق، ولا تبدو الإجابات فيها أكثر من محاولات ونصائح تفوق بفوضاها جدوى النصيحة نفسها،في حين أن الواقع العملي العلاجي مازال يقدّم نفسه في عالم الطب كفخّ تختاره الفرائس برفعة، و ليست محاولة الحديث عنه سوى بوصلة تحسم اتجاه انفصامنا اليوميّ بين ما نريد وما أصبحنا نحو جهته بعيدة المنال، وإن كانت الحياة تقاس بمقياس التجربة فيها و قربها و بعدها من عناصرها الحيويّة،الحزن،والفرح،الحب ،والكراهية،فتبدو الرّواية تقاس بتألق اِغتراب عن مفاهيم الحياة وعن الذّات.
إن "المثاليات" الّتي  لم تختبر نفسها أو قيمتها  في الحالات النفسيّة والعصبيّة كردّة فعل ضروريّة موازية و منافسة للحياة نفسها،المحك الذي تنصبه الرّواية لمريديها يتلخّص بنوبة اقتصاص من حدوث التناقضات الّتي تربك الإنسان في تعريف نفسه فيقسو على بدائيته تارة ليبدو أمام حضارته "مثاليّا"، ثم العكس، هذا التخبط الحيّ و المباشر يصطاده الرّحبي بمهارة و يحاوره في لحظة تدوم إلى الأبد، ناطقًا باسم الهامش الذي تفرده اللغة لعنف الروح حين تضجّ بالخسارات أمام عالم تحرّكه رغبة النّزعات الإنسانيّة.
ليس من السهل التحرك في هذه المساحة، مع أن الحياة تبدو لوهلة خارجة عن سيطرة البشر، إلا أنها تتفاقم فجأة في دخيلته بلؤم،مستميتة في الدفاع عن جمالها و قبحها داخل و خارج النّص،ولفرط ما تستهلك الضحيّة من شراسة في نبش المناطق المأهولة بالأحلام والأماني والقدرة على التّغيير في الذات،لا يعود ممكنًا العودة إلى الحياة ثانية ببراءة من لم يختبر شكلاً آخر لقوته كطاقة ماورائية مهددة لحزنه الدائم،حيث يبدو أن الرّواية كجدل تحدث بين الرّغبة في موت ما سواها والرّغبة  في اسقاطها تمامًا من ذاكرة الإنسان،قدرتها على تسجيل نقطة لصالحها في مواجهة عالم الأدب حين تجعل من مريديها عشّاقًا وأبطالًا في  مجتمعات صغيرة متعالية على وعيها البسيط في الحياة  و بذلك تغدو لحظة التّقمص مظاهرة ضد الأنا في الذي يراه الآخرون  على أنه حقائق مستقبليّة نهائية لا تقبل الطعن بكنهها وهذا التصادم الدائم مع اليقين والمقروء لا يتخذ من الرّواية فقط مسرحًا لتداعياته، لكنّه كذلك يخرج من قلب القارئ جميلًا إلى الحدّ الذي يغيّر مفهوم الأفعال السلبيّة فيستوجب التوجّس  إلى أفعال  إيجابيّة يعين القارئ على تقديم نفسه بسخاء للآخر ،وهكذا  يقاس في وعيه أو دون وعي.




الخميس، 2 يناير 2014


أخبرتني جدّتي أن عرّافة بدويّة مرّت بقريتنا ذات سنة غبراء،وقرأت لأمي طالع البنات،"هي بنتك خضرا" .فرحت جدّتي وغنّت "قعدت الحلوة بالباب تتدلع،ومتلك يا حلو بالبال يتهنّا"فهجرها  جدّي عشر ليال على اثر هذه الأغنية الرقيعة،وعلّل هجره "تغنج المرأة حرام".
وعن جدّي أن تاجر "خرج" مرّ  بالحقول ذات زرع،وقال لأمي بعد أن باع لها ثلاثة أذرع من القصب، " بنتك هي  رح بتجبلك المشاكل بكرا".
فذكر عنها، أنها ناحت حزنًا ووجعًا،ثمّ وضعتني في أرجوحة معلّقة بين زيتونتين في وسط مقبرة،وكانت تهجع على جنبي الأيسر لتتمكّن من إبطال السّحر،وفكّ رموزه الخفيّة،إلى أن جفّ زيتون الجبل عن بكرة جذوره ،حتّى إذا جفّت البئر طالب أهل القرية برأسي،
فما جلبتُ الفرح لأمي يومًا،ولا  اخضرّت الحناء في كفي،
فلا تحدّثني عن المثاليات،وعن قصص بنهايات كاذبات

علّمني فقط،كيف أراوغ سيل الأسى كي أقبّلك.

أبدًا لا شيء.



أنجزت سنة متسوّلة أخرى رغم توغلها  في رفاهة المواعيد، أقول هذا لأن الضوء كلّما جئت وضّأني ،

كلّ المدن صامتة،جميع شوارعها عارية،ومقاهيها مغلقة،كيف لي أن أيمّمَ قلبي بغبار أزقّتنا ورطوبة الجدران مازالت تعبق برائحة القبلة الأخيرة،!

لا تصدّق حقيقة أنا أقول أي شيء لأنك لستَ معي،والبرد هذه الليلة يدفعني إلى البحث الملحِّ عن موروفين يبطل حاجة الحضور،
كحاجة دمي للنيكوتين يحقن وريدي بملامحك،
جميعها أسباب منتقاة لي شخصيًا،

حتّى أحلامي متورَّطة  بك،
إلى أن خلتُ  الوسائد تُخبِّئك،

فأحرقتُها.!



في قلبي لوثة جفّت كأوراق التّين،لكن لا تقلق،سوف أتعاطى أنتيبيوتيك لثلثيّ الشهر وبعدها كلّ شيء سيكون على ما يروم سراط الفتور .

يا دين السجائر وهذه الليلة رقيعة البؤس،
متى تكفُّ هذه الأعوام عن العبور،ومتى يتوقف العام عن إدعاءاته والتظاهر أنه كان لنا؟ لا عام سوى عام البقاء،ولا جديد سواه أيضًا،اعتراف بائس،يستدعي رحلة العام،لطالما تخيّلتَ العام مضى



لا تضربي موعدًا مع رجل ثريّ،فهو لا ينظر إلى ساعة يده بقدر ما ينظر إلى مستقبله.!


أنا صرت أشك أن أهل الأرض خونة ينتصرون لبائع الحياة.،عملاء لعزرائيل.!

لا وجع أشدّ فحشًا من أَن تُمسي وتُصبح عاجزاً عن هشّ مجزرة ذباب الذاكرة ولو تسبيحًا على شواهد المقبرة.!

سأصنع ركوة تليق بحضور عرّافتي الغبراء،
عادة تجيء مثل برق دهشة،تضع حملها وترحل قبل أن يرتدّ إليّ الإدراك،
تبعثرني ،توجعني،وترغمني على مشاهدة أفلام المومياء والشياطين مستعينة بدراكولا ،أذكر لقطة من إحدى أفلام الرّعب الّتي أرغمت على مشاهدتها ،صبيّة لم تبلغ السادسة عشرة من عمر قهرها،وقفت على حافة صخرة شاهقة ،لستُ أذكر تحديدًا من أين جاءت تلك الأيدي الآثمة الّتي دفعتها إلى "الإنتحار".!!كأن عرّافتي رسمت خريطة المكان،وهذا أكثر غرائبية،إذ كيف تصوّر لقطة كتلك في منطقة قريبة من نابلس.!!!
على ما يبدو أنها سترافقني حتّى الفجر.


غرابي الأكحل يمارس الحب سرًّا مع عرّافتي،
أعرف أن الغراب سوف يطير ذات يوم وتقتل العرّافة.
بيني وبين القطاط ثأر.

كلّما أعددتُ لكَ مائدة سامة هرعت تلتهم بعزيمتها الّلئيمة سمّ الوليمة.!

الّلغة القاصر كالحلم المبتور،والمساءات القاصرات كالخمر دون كؤوس وموقد أشواق دون شعلة.

حين يستفيق جحيم الذاكرة،تجوّل في زقاق المخيم.

هل جرّبت الإمتلاء برائحة "التِنر"
هل جرّبتَ أن تلوط الأولاد والجدار.


خاسئة تلك الأزمنة العاجزة عن حماية الطفولة..